
إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

قام طلبة قسم هندسة النظم والمعلوماتية الطبية في كلية الحجاوي للهندسة التكنولوجية، في زيارة علمية ميدانية إلى ملتقى الصناع الذي أقامته مؤسسة ولي العهد.
واطلع الطلبة خلال الزيارة على فعاليات الملتقى المتنوعة، وتجولوا بين الأجنحة المختلفة التي عرضت أحدث الابتكارات والمشاريع الوطنية في مجالات التكنولوجيا والصناعة الرقمية والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مشاريع ريادية ناشئة أسسها شباب أردنيون يترجمون مهاراتهم إلى منتجات وفرص عمل حقيقية.
وركزت الزيارة على تعريف الطلبة بالفرص التي تتيحها مؤسسة ولي العهد، في دعم المبادرات التقنية وريادة الأعمال، وتمكين الشباب في تحويل أفكارهم إلى مشاريع منتجة تخدم الاقتصاد الوطني، كما وأتاحت لهم التفاعل المباشر مع ممثلي الشركات ورواد الأعمال، وطرح الأسئلة حول مراحل تطوير المشاريع، وآليات التمويل، والتحديات التي تواجه المبتكرين في سوق العمل الأردني.
وتميّزت الجولة بتفاعل كبير من الطلبة، الذين وجدوا في الملتقى مساحة لتجسيد ما يتعلمونه في القاعات الدراسية من مفاهيم هندسية وطبية وتقنية.
واطلع الطلبة عن قرب كيف توظَّف البرمجة، والأنظمة الذكية، وتحليل البيانات الحيوية في تطوير الحلول الطبية والصناعية الحديثة، مما عمّق وعيهم بدور تخصصهم في بناء المستقبل القائم على التحول الرقمي والصناعة الذكية.
وأكد الدكتور أمجد الفاهوم، الذي تولى الإشراف الأكاديمي على هذه الزيارة على أهمية مثل هذه النشاطات التطبيقية في صقل مهارات الطلبة، وتعزيز قدرتهم على التفكير الريادي والابتكار العملي، مؤكدًا أن جامعة اليرموك تسعى دوماً إلى ربط مخرجاتها التعليمية بمتطلبات سوق العمل، وتنمية روح المبادرة لدى طلبتها.
وثمّن الفاهوم الجهود الوطنية لمؤسسة ولي العهد في رعاية مثل هذه الفعاليات التي تجمع بين الإبداع الشبابي والفرص الاقتصادية، وتعكس ثقة الدولة بقدرات جيلها الجديد.
من جانبها، شددت المهندسة آلاء الزيوت، من قسم هندسة النظم والمعلوماتية الطبية، على أهمية هذه الرحلات في بناء شخصية المهندس الواعي بدوره الوطني، والمرتبط ببيئة الابتكار والإنتاج.
وتابعت إن هذه الزيارة تمثل نموذجاً حياً للتعليم التطبيقي الذي تؤمن به جامعة اليرموك، حيث يتحول الطالب من متلقٍ للمعرفة إلى شريك في إنتاجها، ومن مراقب للمستقبل إلى مساهم في صناعته، وهي في جوهرها ترجمة عملية لرؤية الجامعة في إعداد جيل من المهندسين القادرين على قيادة التحول الصناعي والرقمي في الأردن، بروح علمية، وفكر ريادي، وإيمان عميق بأن المعرفة لا تكتمل إلا حين تتحول إلى أثر.
من جانبهم، عبّر الطلبة المرافقون عن سعادتهم بالمشاركة في هذه التجربة التي منحتهم رؤية واقعية عن الصناعة الأردنية الحديثة، وألهمتهم أفكاراً لمشاريع مستقبلية يمكن أن تمزج بين التكنولوجيا والهندسة والخدمة المجتمعية.
وشارك في الزيارة، ممثل اتحاد الطلبة الطالب بشار العلاونة، ونحو 38 طالبًا وطالبة من مختلف المراحل الدراسية في القسم.
يُعَد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء محليًا وعالميًا وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، ونظراً لأهمية توعية النساء بتأثير سلوكيّاتِهِن على تطوّر سرطان الثدي، وتثقيفِهنَّ حول إمكانيات السيطرة المبكرة على هذا المرض؛ جاءت فكرة هذا المقال.
ما هو مرض سرطان الثدي؟
هو مرض تنمو فيه خلايا غير طبيعية في الثدي بشكل خارج عن السيطرة وتُشكِّل أورامًا، ويمكن لهذه الأورام إذا تُركَت دون علاج أن تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتُصبح قاتلة.
ويُعتبر الشكل الأوّلي لخلايا سرطان الثدي (الساكن في موضعه) غير مُهدد للحياة ويمكن السَّيطرة عليه بسهولة في كثير من الأحيان. بينما يمكن أن تنتشر الخلايا السرطانية إلى أنسجة الثدي القريبة أو باقي أجزاء الجسم (سرطان الثدي الغَزوي) لتصبح السيطرة عليه صعبة وغير ممكنة في كثير من الأحيان.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي:
هناك عوامل خطر عديدة منها القابل للتعديل؛ كالوزن الزائد (السُمنة) خصوصًا الوزن الزائد حول البطن، والتعرّض للهرمونات من مصادر خارجيّة مثل: حبوب منع الحمل، أو العلاج الهرموني البديل بعد سن اليأس. بالإضافة الى التدخين والتعرض الى بعض أنواع الإشعاعات بجرعات معينة.
أمّا العوامل الغير قابلة للتعديل، فتعتبر الإناث أكثر عُرضَة للإصابة من الرجال، بالإضافة إلى عوامل أُخرى مثل التقدّم في العمر، ووجود طفرات جينية موروثة، كما أنَّ وجود أحد الأقارب من الدرجة الأولى (كالأم أو الأخت) مصاب بسرطان الثدي يُعتبر أمر مرتبط بزيادة خطر الإصابة.
علامات وأعراض سرطان الثدي:
أمّا ألم الثدي لوحده دون وجود علامات أُخرى نادراً ما يكون مؤشر على سرطان الثدي.
الفحص المُبَكِّر:
يمكن تقليل الوفيّات الناجمة عن سرطان الثدي إذا تم كشف المرض وعلاجه مُبكِّراً، ومن هنا تظهر أهمية الكشف المُبَكِّر.
وتشمل طرق الفحص المُبَكِّر ما يلي:
ليس كافيًا بمفرده، لكنه لا يزال عنصر مهم في المساعدة على اكتشاف السرطان في مرحلة مُبكِّرَة. ويُوصى بأن تقوم كل امرأة فوق سن العشرين بإجراء الفحص الذاتي للثدي مرة واحدة في الشهر، ويُفَضَّل أن يكون في اليوم الأول بعد انتهاء الحيض.
أمّا النساء اللواتي اجتزن مرحلة انقطاع الطمث، فيجب عليهنَّ ايضًا فحص الثدي مرة واحدة في الشهر، ويُفَضَّل أن يكون ذلك في اليوم نفسه من كل شهر، ويتم ذلك من خلال لمس الثدي والتأكد من عدم وجود أي علامات غير طبيعية.
في حال وجود علامات غير طبيعية، يتم اللجوء الى طرق أخرى لمزيد من التقييم والتأكد من التشخيص المناسب.
وقد أظهرت بعض الدراسات وجود ارتباط بين قيام النساء بعمل الفحص الذاتي للثدي بشكل دوري ومرحلة السرطان عند التشخيص، حيث ارتبط عدم إجراء الفحص الذاتي بوجود مرحلة متقدّمة من المرض عند التشخيص، مما يعني أنَّ الفحص الذاتي للثدي هو طريقة وقائية تزيد من فرصة النجاة وتَدارُك المرض في وقت مُبَكِّر وتحسين فُرَص الشفاء.
هو فحص بدني يُجريه الطبيب أو المُمَرضة للكشف عن أي تغيرات في الثدي، ويُعتبر أكثر دقّة من الفحص الذاتي للثدي؛ لأنه يتم القيام به من قِبَل مُختص صحّي وليس من قِبَل المرأة نفسها.
توصي الشبكة الوطنية الشاملة للسرطان (NCCN)، والجمعية الأمريكية للسرطان(ACS) ببدأ الفحص المُبَكِّر باستخدام التصوير الشعاعي من عمر الأربعين مرة كل سنة إلى سنتين.
وفيما يلي بعض مراكز الفحص المُبَكِّر الموجودة في الأردن:
مدينة الحسين الطبيّة، ومستشفى الأمير راشد بن الحسن، ومستشفى الجامعة الأردنية، ومستشفى الزرقاء الحكومي.
كما ويوجد أماكن أخرى يمكن الاطلاع عليها من خلال صفحة "البرنامج الأردني لسرطان الثدي" على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى طرق الفحص السابقة يوجد طرق فحص تُستَخدَم في الغالب كَمُكَمّل للتصوير الشعاعي في بعض الحالات، كالألتراساوند والرنين المغناطيسي(MRI).
العلاج:
يعتمد العلاج على نتائج التشخيص، لكنه عادةً يتضمن مزيجاً من الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي، والعلاجات الموجَّهة حسب الحالة، بالإضافة إلى العلاجات الهرمونيّة.
تُعد جميع هذه الطُرُق مفيدة وتُستَخدَم وفقاً للحالة، وقد اقتصر هذا المقال على مناقشة "الجراحة" كأحد أساليب العلاج المهمّة؛ نظراً لدورها البارز في التخلّص من الخلايا السرطانيّة وتحسين فعاليّة العلاجات الأُخرى كالعلاج الإشعاعي والعلاج الكيمائي.
الجراحة:
تتمثل أهداف الجراحة في إزالة السرطان، تحديد المرحلة المَرَضيَّة، والحفاظ على مظهر جيّد بعد العمليّة.
تشمل استئصال الورم مع القليل من الأنسجة الصحيَّة المجاورة التي تُفحَص نسيجيّاً للتأكد من عدم وجود خلايا سرطان منتشرة.
ويوصى بشدّة بإجراء العلاج الإشعاعي بعد جراحة حفظ الثدي؛ لتقليل خطر عودة المرض.
ماذا بعد الجراحة؟
هناك تخوّف لدى العديد من النساء المصابات بسرطان الثدي من فكرة العمليات الجراحية التي تهدف لاستئصال الورم، والسبب هو الخوف من المظهر ما بعد العملية والتأثيرات النفسية المُحتَمَلَة.
وهنا يأتي دور إعادة بناء الثدي بعد استئصال الورم والذي يُمثل جزءاً مهماً من رعاية المصابات بسرطان الثدي، لأنه يؤثر على جودة الحياة، والصورة الذاتيّة، والصحة النفسيّة بشكل إيجابي بالإضافة إلى تحسين صورة الجسم، وزيادة الرضا عن النفس.
عادةً ما يُعرَض هذا الإجراء على المريضات اللواتي يخضعن لعملية استئصال الثدي الكامل (Mastectomy) مباشرة بعد الجراحة أو في وقت لاحق.
ويمكن أن تكون إعادة البناء ذاتيّة؛ أي انها تعتمد على الأنسجة من الجسم نفسه أو معتمدة على الزراعة أو مزيجاً من الطريقتين.

الطالبة دعاء المشاعلة - كلية الصيدلة
الصيدلانية سوار ملحم - خريجة كلية الصيدلة 2022 - صيدلية مجتمع
بإشراف د. غيناء أبو ذياب - كلية الصيدلة
شهدت العقود الأخيرة تطورًا متسارعًا في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence, AI)، والتي لم تعد محصورة في مختبرات الأبحاث، بل امتدت لتغطي جوانب متعددة من الحياة اليومية، بما في ذلك الرعاية الصحية. ومن أبرز التطبيقات الحديثة دخول الذكاء الاصطناعي في ميدان الصيدلة، حيث أصبح بإمكان المريض أن يطرح سؤالًا عبر تطبيق ذكي ليحصل على استشارة دوائية آنية مما أدى إلى التحول إلى إعادة تشكيل العلاقة بين المريض ومزود الرعاية الصحية، وبالأخص الصيدلاني، الذي كان ولا يزال المرجع الأساسي للاستشارة الدوائية.
هنا يبرز السؤال المحوري: متى تصبح استشارات الذكاء الاصطناعي أداة داعمة لسلامة العلاج؟ ومتى تتحول إلى خطر على صحة المريض؟
التحولات في سلوك المرضى
مع توسع استخدام الإنترنت، تغيرت طريقة وصول المرضى إلى المعلومة الطبية. ففي بداية الألفية، كانت محركات البحث مثل Google المرجع الأول للحصول على المعلومات الصحية، حيث يعتمد المريض على قراءة مقالات أو صفحات من مواقع عامة. لكن منذ ظهور نماذج المحادثة التفاعلية عبر الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT تغير النمط جذريًا. حيث أشارت دراسة حديثة في مجلة Health Informatics (2025) إلى أن نسبة كبيرة من المرضى يلجؤون مباشرة إلى الذكاء الاصطناعي للحصول على استشارات دوائية قبل التوجه للصيدلاني. حيث بينت الدراسة، والتي شملت أكثر من 13,000 مشارك من 43 دولة، أن 42.9% من المرضى أبدوا استعدادهم للثقة بالذكاء الاصطناعي عالي الدقة لاتخاذ قرارات طبية مهمة بالنيابة عن مزدي الرعاية الصحية. وقد انعكس هذا التغير على الممارسة الصيدلانية، إذ يواجه الصيدلاني مرضى لديهم تصور مسبق حول العلاج، مما يخلق حوارًا مختلفًا عن السابق. ولم يعد الصيدلاني مجرد مزود للمعلومة، بل أصبح مسؤولًا أيضا عن تصحيح المعلومات المغلوطة ودمج المعرفة الرقمية مع التقييم السريري.
مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي
الوصول الفوري للمعلومات
يمتاز الذكاء الاصطناعي بقدرته على استدعاء كميات هائلة من المعلومات الدوائية خلال ثوانٍ معدودة، وهو ما قد يوازي في سرعته وجود مرجع علمي ضخم لدى الصيدلاني في لحظة واحدة. وتكتسب هذه الميزة أهميتها القصوى في المواقف الحرجة، مثل الحالات الطارئة أو عند الحاجة إلى قرار علاجي سريع.
التثقيف الصحي وتحسين معرفة المريض
من المزايا البارزة للذكاء الاصطناعي قدرته على تبسيط المصطلحات العلمية. على سبيل المثال، بدلاً من شرح معقد لآلية عمل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، يمكن للنموذج تبسيطها إلى: "دواء يساعد على خفض ضغط الدم عن طريق توسيع الأوعية الدموية"، وهذا النوع من الشرح يسهم في تعزيز الوعي الصحي للمريض، مما ينعكس إيجابًا على التزامه بالعلاج.
المخاطر والتحديات
الموثوقية والمصداقية
أظهرت دراسة منشورة في Annals of Internal Medicine (2023) أن دقة إجابات ChatGPT حول الأسئلة الطبية بلغت 64.3%، فيما كانت 26% غير دقيقة و3% متناقضة مع المراجع الموثوقة، وهذا يوضح أن الاعتماد الكامل على هذه الأدوات محفوف بالمخاطر.
غياب السياق السريري
رغم أن الذكاء الاصطناعي قادر على اعطاء توصيات علاجية بسرعة، إلا أن إجاباته تبقى محصورة في حدود البيانات المدخلة إليه فقط. فعلى سبيل المثال، قد يوصي بدواء مناسب لارتفاع ضغط الدم بشكل عام، لكنه قد يكون غير ملائم لمريض يعاني من فشل كلوي أو لامرأة حامل. هذا القصور في دمج نتائج التاريخ الطبي الشامل والفحوصات المخبرية يؤدي إلى استشارات ناقصة وقد تشكل خطورة على سلامة المريض. وقد أظهرت دراسة منشورة في Journal of the American Medical Informatics Association (2024) أن النماذج الطبية القائمة على الذكاء الاصطناعي تفقد دقتها بشكل ملحوظ عند غياب بيانات سريرية أساسية، حيث انخفضت معدلات التوصية الصحيحة بنسبة تتجاوز 20% عند إزالة معلومات مثل الأمراض المزمنة أو نتائج الفحوصات المخبرية.
الاعتماد المفرط
سرعة إجابات أنظمة الذكاء الاصطناعي وسهولة الوصول إليها قد تُغري المريض بالاعتماد عليها وحدها، مما يدفعه إلى إهمال الاستشارة الصيدلانية المباشرة. هذا الأمر لا يضعف فقط جودة الرعاية الصحية، بل يهدد أيضًا بدور الصيدلاني كمصدر موثوق للمعلومة الدوائية. وقد دعمت هذه المخاوف دراسة نُشرت في BMJ Health & Care Informatics (2023) أظهرت أن المرضى الذين استخدموا أنظمة دعم القرار المبنية على الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر ميلاً لتجاهل الاستشارة المهنية بنسبة وصلت إلى 27% مقارنة بالمرضى الذين تلقوا تواصلا مباشرا مع مقدمي الرعاية الصحية.
الأخطاء في الجرعات
رغم التطور الكبير في أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أن استخدامها في حساب الجرعات الدوائية ما زال يطرح تحديات خطيرة، خصوصًا في فئة الأطفال والتي تُعد الأكثر تأثر من أي خطأ. فقد أظهرت دراسة في مجلة Frontiers in Pharmacology (2023) أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قدّمت توصيات غير صحيحة بجرعات الأدوية بما يقارب 15% من الحالات، مما قد يؤدي إلى تسمم دوائي أو فشل العلاج.
الذكاء الاصطناعي والصيدلاني: عندما تصبح الخبرة الصيدلانيّة لا غنى عنها
على الرغم من التطور السريع في أدوات الذكاء الاصطناعي، تبقى الاستشارة الصيدلانية متفوقة بفضل بعدها الإنساني ومسؤوليتها المهنية. فالصيدلاني لا يقتصر دوره على تقديم المعلومات، بل يبني علاقة قائمة على الثقة والتواصل المباشر مع المريض، ويستند إلى معايير قانونية تضمن المساءلة، إضافة إلى قدرته على تخصيص الاستشارة من خلال ربط الأعراض بالتاريخ الطبي الكامل ونمط حياة المريض. في المقابل، يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى مسؤولية مباشرة ويعتمد فقط على البيانات المدخلة، التي قد تكون ناقصة أو مضللة، ما يجعله محدودًا في الحالات المعقدة.
قدّمت إحدى الصيدلانيات من صيدلية مجتمع أمثلة عملية توضّح مخاطر الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في إحدى الحالات المتعلقة بعدوى بولية معقدة، حيث أوصى الذكاء الاصطناعي باستخدام دواء nitrofurantoin بدلًا من ciprofloxacin، رغم أن الأول غير مناسب في مثل هذه الحالات، لكن بعد نقاش مع الصيدلانية اقتنع المريض بالعودة للتقييم السريري الصحيح. كما أوضحت الصيدلانية أن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيدًا في استفسارات بسيطة، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه في المسائل الخطيرة أو المصيرية. ومن الأمثلة الأخرى، عند السؤال عن مدرات البول الممنوعة لمرضى التفوّل (G6PD deficiency)، قدّم الذكاء الاصطناعي إجابات خاطئة وبنسبة مرتفعة، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة المرضى. هذه الحالات الواقعية تسلط الضوء على ضرورة التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة فقط، مع بقاء الخبرة الصيدلانية المرجع الأساسي لضمان دقة وسلامة القرارات العلاجية.
نحو توازن آمن
للاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي في الصيدلة، تقترح الدراسات البحثية وضع إطار شامل يوازن بين السرعة والأمان يقوم على مبدأ الدمج لا الإلغاء، حيث يُنظر إليه كأداة داعمة لعمل الصيدلاني وليس بديلًا عنه. كما يشمل ضرورة وضع ضوابط تنظيمية وتشريعات واضحة تحدد مسؤوليات وحدود استخدام هذه الأدوات، إلى جانب إدماج الذكاء الاصطناعي في مناهج كليات الصيدلة لضمان تهيئة الصيدلاني للتعامل معه بوعي، وهذه النتائج تؤكد ضرورة وجود مراجعة صيدلانية دقيقة لأي توصيات صادرة عن الذكاء الاصطناعي قبل اعتمادها سريريًا. إضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز الوعي الصحي لدى المرضى للتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي وسيلة استرشادية فقط، وليست مصدرًا وحيدًا للقرار العلاجي.
المستقبل لا يقوم على ثنائية "آلة مقابل إنسان"، وإنما على شراكة ذكية تجمع بين سرعة الذكاء الاصطناعي ودقة الخبرة البشرية. والصيدلاني يبقى صاحب القرار السريري والمسؤولية المهنية، فيما يشكل الذكاء الاصطناعي أداة داعمة توسّع إمكانياته وتزيد من كفاءته.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحول يومًا إلى بديل كامل عن استشارة الصيدلاني، أم أن غياب السياق السريري والمسؤولية المهنية سيجعله يظل أداة مساعدة فقط، تُكمّل ولا تُلغي دور الصيدلاني في رعاية المرضى؟

نظمت كلية الطب محاضرة تفاعلية بعنوان "أساسيات الرضاعة الطبيعية والتحديات التي تواجه الأمهات المرضعات"، قدمتها أخصائية الرضاعة الطبيعية في مستشفى إربد التخصصي روان العتوم.
وجاء تنظيم الكلية لهذه الفعالية بهدف حرصها على عقد المحاضرات والورش التفاعلية التي تسهم في رفع المستوى العلمي والمهني لطلبتها.
وتضمنت المحاضرة شرحًا مفصلًا حول مبادئ الرضاعة الطبيعية الصحيحة، والمشكلات الشائعة التي قد تواجه الأمهات المرضعات، إضافةً إلى تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة المتعلقة بالرضاعة الطبيعية.
كما عرضت العتوم لحالات واقعية من العيادة، كما وناقشت مع طلبة كليتي الطب والصيدلة استفساراتهم المختلفة.
وأشاد الطلبة بمحتوى المحاضرة لما تضمنته من جوانب عملية وتطبيقية مهمة، مؤكدين أهمية مثل هذه اللقاءات التي تعزز الفهم السريري لديهم وتربط الجانب الأكاديمي بالتطبيق العملي.


ما هو الربو؟
الربو هو مرض رئوي مُزمِن يُصيب الشُعب الهوائية، ويحدث بسبب التهاب مزمن في مجرى الهواء (الشُّعب الهوائيَّة)، وفرط في استجابة الشُعب الهوائية، وانسداد تدفق الهواء مما يجعل التنفس أكثر صعوبة. وعادةً ما يكون الانسداد في المجرى الهوائي قابلًا للعكس كليًا أو جزئيَّا (يتحسَّن مع العلاج).
قد يُصيب الربو مرضى من جميع الفئات العمريّة في مختلف أنحاء العالم، لكننا في هذا المقال سنقوم بالتركيز على مرضى الربو من الأطفال.
مما يُعاني مريض الربو؟
يُعاني مرضى الربو عادةً من مجموعة من الأعراض التنفسيّة مثل السُّعال والصَّفير وضيق في الصدر وصعوبة في التنفس، وتتَّسم أعراض الرَّبو بالتّفاوت، إذ أن هذه الأعراض متفاوتة من وقتٍ لآخر وقد تتفاوت أيضًا في الشدَّة (خفيفة أو شديدة) في نفس المريض أو من مريض لآخر، كما أنها تتَّسم بالنَّمطية فيشكو المرضى أنها تسوء صباحًا أو خلال ساعات اللّيل. كما أنها تَسوء مع عوامل أخرى (عوامل محفِّزة) مثل التمارين الرياضية، والتعرُّض لمُسببات الحساسية كالغبار والعّث، والطقس البارد، والروائح المختلفة وعدوى الجهاز التنفسي الفيروسيّة أو البكتيرية.
وبالتالي تتراوح شدّة الربو المزمن من أعراض خفيفة متقطعة إلى أعراض شديدة ومتكرّرة تُعيق إنجاز المهام اليومية، بالإضافة إلى فرصة حدوث نوبات حادّة قد تؤدي إلى دخول المستشفى وتشكّل خطرًا على الحياة. ويمكن للمريض أن يُميِّز اعراض النوبة الحادّة بأنها أكثر شِدَّة من الأعراض المزمنة التي تعوَّد عليها وأنه لا يتم السّيطرة عليها من خلال الأدوية والجرعات اليوميّة التي تسيطر على الأعراض المزمنة عادةً. وقد تترافق أعراض النوبة الحادّة بأعراض وعلامات أخرى مثل التّعرُّق والتّشوش الذهني وعدم القدرة على التواصل عن طريق الكلام وتسارع في نبضات القلب وغيرها.
ما هي نسبة انتشاره في العالم؟
قد يَحدُث الربو في جميع الفئات العمرية، وهو من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية في عام 2019 أن الربو أصاب ما يُقدّر بنحو 262 مليون شخص حول العالم، وتسبب بحوالي 455 ألف حالة وفاة.
أيضًا في ذلك العام، تعرّض 41.2% من مرضى الربو لنوبة ربو حادّة واحدة أو أكثر، مما يشير إلى أن ما يُقارب نصف مرضى الربو لا يخضعون للسيطرة المثالية وبالذات الأطفال. نظرًا لذلك، يعاني أطفال الربو من أعراض مُزمنة يوميّة ونوبات حادّة تؤثر على نموهم وتطورهم الجسمي والعقلي، وتفاعلهم مع محيطهم وأصدقائهم، وأدائهم الدراسي والاجتماعي.
كيف يمكننا السيطرة على الربو؟
تعتمد الأمهات اليوم بشكل أكبر على موسِّعات القصبات الهوائية قصيرة المفعول (بخاخ أو تبخيرة) لتخفيف الأعراض اليومية وأعراض النوبات الحادّة بعد حدوثها عند طفلها، لكن هذه العلاجات لا تمنع حدوثها ولا تقلِّل من فرصة تكرارها. وبالتالي فإن هذه الطريقة في التعامل مع الربو طريقة خاطئة، حيث تشير التعليمات العلاجيَّة العالمية لمرض الرّبو إلى ضرورة إدخال الكورتيزونات المُستنشقة (ICS) للسيطرة المُثلى على التهاب القصبات المُزمن المُسبِّب للربو وبالتالي التقليل من تكرار الأعراض اليومية، وأعراض النوبات الحادّة التي قد تُشَكِّل خطرًا على الحياة وتؤدي لدخول المستشفى.
وبهذا تكون مضادات الالتهابات هي اللبنة الأساسية للعلاج لمنع حدوث وتكرار الأعراض، وتستخدم البخاخات الموسعة للقصبات الهوائية (قصيرة المفعول) عند الحاجة فقط لتخفيف الأعراض بعد حدوثها.
كيف تعمل كل من الكورتيزونات وموسعات القصبات الهوائية؟
• الكورتيزونات (Budesonide, Mometasone, & Fluticasone) هي أقوى مضادات الالتهاب المُتاحة لعلاج الربو، فهي تُقلل التهاب مجرى الهواء، وتُخفف من فرط استجابته، وتقلل من إنتاج المخاط وإفرازه.
يمكن استخدامها عند الحاجة في المراحل الأولى والخفيفة من المرض مباشرة بعد موسع القصبات قصير المفعول، لكنها غالبًا ما تستخدم بشكل مزمن لضبط المرض على المدى الطويل.
• موسعات القصبات الهوائية هي أدوية تعمل على توسيع وفتح الممرات الهوائية التي تضيق، مما يساعد على تحسين التنفس، كما تساهم هذه الأدوية في منع تفاقم النوبة عبر إيقاف الاستجابة المبكرة للجسم تجاه مسببات الحساسية، وتساعد في التخلص من المخاط داخل الرئتين عن طريق تنشيط حركة الأهداب.
ويوجد منها موسعات قصيرة المفعول (Salbutamol) ذكرناها سابقًا وتستخدم عند الحاجة فقط وتعمل بشكل فوري لتحسين الأعراض بشكل سريع بعد حدوثها. كما تتوفر موسعات طويلة المفعول (Formoterol and Salmeterol ) والتي يمكن إضافتها بشكل مُزمن على الكورتيزونات لضبط أفضل للمرض وتقليل تكرار الأعراض اليومية والنوبات على المدى الطويل.
الجدير بالذكر أن بخاخ (Formoterol) يعمل بشكل سريع لذا يُمكن استخدامه أيضًا عند الحاجة
ليعمل بشكل فوري على تخفيف الأعراض بالإضافة الى استخدامه المزمن.
ما الهدف من استخدام هذا العلاج المركب مع طفلك اليوم؟
قد أظهرت الدراسات أن الإفراط في الاعتماد على موسعات القصبات الهوائية قصيرة المفعول واستخدامها وحدها في الخطة العلاجية يرتبط بشكل مباشر بزيادة خطر النوبات الحادّة، وارتفاع معدلات دخول المستشفى، وتكرار زيارات قسم الطوارئ، مما يؤثر على حياة الطفل اليومية ويُعيقُها، كما يساهم في زيادة العبء الاقتصادي على العائلة والدولة.
فمن المهم أن نعرف أن استخدام موسع القصبات الهوائية وحده قد يُخفف الأعراض مؤقتًا، لكنه لا يقلل من تكرارها ولا يمنع النوبات الحادة في المستقبل، بل قد يزيد من خطر حدوثها إذا تم الاعتماد عليه فقط، لذلك نُضيف الكورتيزون لضمان حماية أفضل لرئتي طفلك.
ويتخوف بعض الأهالي من استخدام الكورتيزونات لأطفالهم ظنًا منهم أنها تُؤثر على نمو الطفل وتطوره، وأنها قد تُسبب أمراض مزمنة مثل الضغط والسكري وهشاشة العظام، لذا نودّ التنويه هُنا على أن الكورتيزونات المستنشقة تعمل بشكل مباشر على القصبات الهوائية، ولا يتم امتصاصها بشكل كبير في الدم، وتُعتبر آمنة عند استخدامها بالجرعات القليلة والمتوسطة االموصوفة من قبل الطبيب، ونادرًا ما تُسبب أعراض جانبية، وتقتصر هذه الأعراض "إن حدثت" على فطريات في الفم، وتغيُّرات محدودة ومؤقتة في الصوت يمكن تجنبها عن طريق الاستخدام الصحيح للبخاخ.
ما الذي يترتب عليكِ اليوم للتعامل مع طفلك؟
• تعلُّم كيفية الاستخدام الصحيح للبخاخات العلاجية لضمان أخذ الجرعة كاملة، وفي حال كان الطِّفل يواجه صعوبة في استخدام البخاخ، فإنه يتوفر أنبوب بلاستيكي صغير يمكن وصله مع البخاخ بحيث يساعد طفلك على استنشاق الجرعة الدوائية بشكل كليّ.
• مع اقتراب فصل الشتاء، تزداد احتمالية التعرض لنوبات الربو نتيجة تغيرات الطقس وكثرة المسببات البيئية والعدوات التنفسية، لذا من الضروري تحديد هذه المسببات الخاصة بطفلك والعمل على تجنبها قدر الإمكان، بما في ذلك الملوثات داخل المنزل وخارجه، وعث الغبار، والعفن، والمواد الكيميائية أو الأبخرة التي قد يتعرض لها الأطفال في المدارس.
• من أجل ضمان السيطرة على الربو، من المهم الالتزام بتناول العلاج المزمن في مواعيده، وعدم التردد في استخدام الكورتيزون المستنشق بشكل مزمن لأنه آمن على طفلك حسب الجرعات الموصوفة كما ذكرنا سابقًا. كما أنه من المهم الاستجابة بسرعة لأي أعراض تظهر لتفادي تفاقم هذه الأعراض وعدم تطورها الى نوبات حادّة.
• تشجيع طفلك على شرب سوائل بكميات جيدة.
• ضرورة مضمضة الفم بالماء وبصقه بعد أخذ الجرعة من بخاخ الكورتيزون لتجنب نمو فطريات على اللسان، وأيضًا نُنوه على ضرورة تنظيف فم البخاخ قبل وبعد الجرعة والالتزام بالاستخدام الفردي وعدم مشاركته مع أطفال آخرين.
كيف يمكن أن تتحسن حياة طفلك مع الالتزام بعلاج الربو؟
- إن التزام الأم بتعليمات الطبيب والنصائح سيمنح الطفل راحة كبيرة، سيتمكن من النوم ليلًا بهدوء من دون صعوبة في التنفس أو سعال متكرر قد يقطع نومه ويُعيق حياته.
- ومع السيطرة على الأعراض ستقل زيارات المستشفى وسيكون الطفل أكثر نشاطًا وحيوية، ستلاحظين أنه قادر على اللعب مع أصدقائه، والذهاب إلى المدرسة، والتفاعل مع دروسه من غير انقطاع، وإنجاز المهام اليوميّة المطلوبة منه، وتحسّن تطوُّره المعرفي والإدراكي.

إعداد الطالبة: رؤى "محمد فهمي" حمد /كلية الصيدلة
إشراف الدكتورة: مريم العامري/ كلية الصيدلة
شهدنا في السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا على مستوى العالم لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد فهي لا تقتصر على التواصل فقط، بل اصبحت مصدرًا مهمًّا للمعلومات العلميّة والترفيهية، ومع هذا الانتشار ظهرت الفيديوهات القصيرة التي تتراوح بين 15 الى 60 ثانية على وسائل التواصل الاجتماعيّ مثل فيسبوك وانستغرام وتيك توك وغيرها.
وقد ساهم تنوع محتوياتها وسهولة تَصفُحِها والوصول إليها إلى انتشارها الكبير خاصة بين الشباب، وعلى الرغم من أنها قد تُستخدم لأغراض ترفيهية أو تعليمية مُفيدة ولكن لها أضرار كبيرة بسبب طبيعتها السريعة التي قد تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والنفسية وتعمل على تشتيت الإنتباه والتركيز وقد تقود الى مشكلة التسويف الأكاديمي (وهو ميل الطلاب إلى تأجيل المهام الأكاديمية المطلوبة منهم) إذ تفيد الكثير من الدراسات بأن نسبة حدوث هذه المشكلة بين طلاب الجامعات قد تصل إلى 70% وهذا يؤثر سلبًا على التحصيل الدراسيّ والأكاديميّ.
المقاطع القصيرة قد تسبب الإدمان أو ما يعرف بالكوكايين الرقمي:
أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقةً بين إدمان مشاهدة الفيديوهات القصيرة والتراجع الأكاديميّ, حيثُ إنَّ مشاهدة مجموعةٍ من المقاطع القصيرة تعمل على إفراز هرمون السعادة من الدماغ المعروف باسم هرمون "الدوبامين" فيشعر الشخص بسعادة لحظية مما يدفعُه لمشاهدة مقاطع أكثر لزيادة افراز هذا الهرمون حتى تُخلق حلقةٌ من الإدمان على هذه المقاطع وهذا الإدمان يشبه في بعض مظاهره الإدمان على المواد الكيميائية مثل: العصبية، وعدم القدرة على ضبط النفس، ومشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر، وغيرها وهذه العوامل جميعها تقود إلى تراجع بالأداء الأكاديميّ.
علاوة على ذلك فإن إدمان المقاطع القصيرة يساهم في سوء إدارة الوقت إذ يَفقد الفرد احساسه بالوقت أثناء الإنخراط في هذه المقاطع وبالتالي اهمال المهام الأكاديمية المهمة وتصبح المقاطع القصيرة لها الأولوية الكبرى مما يؤدي إلى تراجع الإنجاز الأكاديميّ.
نظرية الدافع الزمنيِّ وعلاقتها بالتسويف الأكاديمي:
وفقًا "لنظرية الدافع الزمنيِّ، يميل المستخدمين إلى تفضيل المهام التي تُقدم مكافآت أسرع، ويؤجلون المهام ذات المكافآت الأبعد، وهذا ما يُفسر لجؤ الطلبة إلى مشاهدة المقاطع القصيرة بدل من انجاز الواجبات والمهام الأكاديمية مما يؤدي إلى تراكم المهام والتسويف المستمر وينتج عنه أداءٌ غير فعال أو غير مكتمل.
تأثير الفيديوهات القصيرة على التركيز والانتباه:
أظهرت الأبحاث أن الاستهلاك المفرط للمحتوى السريع يؤثر سلبًا على قدرة الدماغ على التركيز لفتراتٍ طويلةٍ، ويُضعف التركيز على المهام الأخرى ومنها المهام الأكاديمية. إذ يعتاد الدماغ على التنقل المستمر بين الفيديوهات التي تتضمن مواضيع مختلفة، مما يجعله في حالة تأهب دائم للانتقال من موضوع إلى آخر وبالتالي يُقلل من قدرة الدماغ على التركيز العميق في موضوع أو مهمةٍ واحدةٍ ولفترةٍ طويلةٍ.
تأثير المقاطع القصيرة على الذاكرة:
إنّ الإفراط في مشاهدة المقاطع القصيرة يؤثر سلبًا على الذاكرة والقدرة على التركيز لفترات طويلة. فبسبب طبيعتها السريعة والمحفَّزة بصريًا، تُغرق الدماغ بكمية كبيرة من المعلومات خلال وقتٍ قصيرٍ، مما يُضعف قدرته على معالجة تلك المعلومات بعمق، ويُقلل من كفاءته في الاحتفاظ بها واسترجاعها لاحقًا.
ومع تكرار التفاعل مع هذا النوع من المحتوى السطحي، يعتاد الدماغ على التحفيز اللحظي، ويفقد تدريجيًا مرونته في الانتباه والتفكير العميق.
وهو مصطلح غير طبي يُعبّر عن التدهور التدريجي في قدرة الدماغ على التركيز وتراجع مهارات الاستيعاب Brain Rot وهذا ما يُطلق عليه (التعفن العقلي
والذاكرة على المدى الطويل.
تأثير الفيديوهات القصيرة على جودة النوم:
أثبتت الدراسات أنَّ مشاهدة المقاطع القصيرة مرتبط بزيادة الإثارة المعرفية وزيادة النشاط العقليّ ويمنع الدماغ من الدخول في حالة الاسترخاء المطلوبة وهي أحد الأسباب التي تؤدي لانخفاض جودة النوم، مما يؤدي إلى ضعف الوظائف الإدراكية، ويُضعف قدرة الطلاب على الأداء الأكاديميّ الجيد. إضافة إلى ذلك فإنَّ الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهاتف المحمول تؤثر على جودة النوم.
علاوة على ذلك أكدت الأبحاث على وجود علاقة بين النشاط البدني وجودة النوم، إذ أنَّ إدمان مشاهدة المقاطع القصيرة يعمل على تقليل اللياقة البدنية وهذا يؤثر سلبًا على جودة النوم وعمقه. في المقابل فإن زيادة النشاطات البدنية تعمل على زيادة إفراز الإندورفين من الغدة النخامية مما يعزز الشعور بالرفاهية ويساعد في تقليل السلوك الإدماني ويحسن من جودة النوم وهذا ينعكس إيجابًا على الأداء الأكاديميّ.
الوقاية من أضرار ومخاطر المقاطع السريعة على الأداء الأكاديمي:
* تقليل الوقت المخصص في مشاهدة هذه المقاطع.
استبدال هذه العادة بأنشطة بدنية أو ذهنية مُحفِزة. *
*تحديد أولويات المهام والتركيز على المهام الأكاديمية الأكثر أهمية.
*الابتعاد عن استخدام الهاتف قبل موعد النوم بساعة على الأقل.
*طلب المساعدة من المعالجين المدربين والمختصين في علاج الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعيّ عند الحاجة.
الخلاصة:
على الرغم من أن المقاطع القصيرة قد تكون ممتعةً وفيها من الفائدة الكثير، إلا أن لها مخاطر عديدة تؤثر سلبًا على الأداء الأكاديميّ والتحصيل العلميّ، خاصةً بين الأطفال والشباب، من أبرز هذه المخاطر: تشتت الانتباه، وضعف التركيز، والقلق، واضطرابات النوم، وقد تمتدُ إلى مشكلاتٍ نفسيةٍ وصحيةٍ أخرى.
لذلك يجب ايجاد توازن صحيّ بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعيّ، وممارسة النشاطات الأخرى التي بدورها تُعزز التركيز، وتنمّي العقل وتُثري الذاكرة مثل: القراءة، والرياضة البدنية، والذهنيّة.

إعداد خريجة كلية الصيدلة وعضو نادي البحث العلمي بكلية الصيدلة براءة الرفاعي
إشراف الدكتورة إسلام بردويل والصيدلانية عفاف خصاونة
لماذا يُعدّ سرطان الثدي من أكثر القضايا الصحية إلحاحًا في عصرنا؟
سرطان الثدي يُعدّ من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم، حيث يمثل ما يقارب ثلث حالات السرطان الجديدة سنويًا. وبالرغم التقدم في التشخيص والعلاج، ما يزال يشكّل سرطان الثدي تحديًا صحيًا كبيرًا، خصوصًا في الدول النامية. في الأردن، تشير الإحصاءات إلى أن سرطان الثدي هو السبب الأول للوفاة بين النساء المصابات بالسرطان، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي، وتطوير أدوات التشخيص، وتوسيع نطاق العلاج.
في هذا المقال، نستعرض سرطان الثدي من منظور حديث، بدءًا من آلية نشوئه والعوامل المؤثرة في تطوره، مرورًا بأحدث العلاجات المعتمدة لعام 2025، وصولًا إلى التحديات السريرية والفروقات بين إصابة النساء والرجال، مع عرض للوضع الوبائي في الأردن وتوصيات لتعزيز الوقاية والعلاج.
كيف يبدأ سرطان الثدي داخل الجسم؟
سرطان الثدي لا يُعد مجرد ورم يظهر فجأة، بل هو عملية بيولوجية معقدة تبدأ على مستوى الخلية. تنشأ الإصابة عندما تبدأ خلايا الثدي بالنمو بشكل غير طبيعي وخارج عن السيطرة، فتتكوّن كتل قد تكون حميدة أو خبيثة. في الحالات الخبيثة، تفقد الخلايا قدرتها على التوقف عن الانقسام، وتبدأ بغزو الأنسجة المحيطة، وقد تنتقل إلى أعضاء أخرى عبر الجهاز اللمفاوي أو الدم.
الخلل الجيني يلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، حيث تؤدي طفرات في جينات مثل BRCA1 وBRCA2 إلى زيادة خطر الإصابة. كما أن التغيرات الهرمونية، خاصة تلك المرتبطة باستخدام طويل الأمد لحبوب منع الحمل أو أدوية العقم، قد تساهم في تحفيز النمو غير الطبيعي للخلايا. يضاف إلى ذلك نمط الحياة فقلة النشاط البدني، والسمنة، والتدخين، وسوء التغذية كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة.
من هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي؟
في الأردن، تشير الإحصاءات إلى أن سرطان الثدي يشكّل ما يقارب ثلث حالات السرطان المسجلة، مع تسجيل 1756 حالة جديدة في عام 2022. كما أظهرت دراسة حديثة أن 14.4٪ من النساء فوق سن الستين مصابات بسرطان الثدي، مما يعكس أهمية التشخيص المبكر في هذه الفئة العمرية.
غالبًا ما يُصيب سرطان الثدي النساء فوق سن الخامسة والأربعين، لكن يمكن أن يظهر في أعمار أصغر، خاصة في الحالات الوراثية. تعد النساء أكثر عرضة لسرطان الثدي من الرجال، ليس فقط بسبب التركيب البيولوجي، بل أيضًا بسبب العوامل الهرمونية.
ورغم أن سرطان الثدي يُعدّ أكثر شيوعًا بين النساء، إلا أنه لا يقتصر عليهن فقط. فالرجال أيضًا يمكن أن يُصابوا به، وإن بنسبة أقل بكثير. ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة BMC Cancer عام 2025، فإن سرطان الثدي لدى الذكور يمثل نحو 1٪ من إجمالي الحالات عالميًا، وغالبًا ما يُشخّص في مراحل متأخرة بسبب ضعف الوعي المجتمعي. العوامل الوراثية، خاصة الطفرات في جين BRCA2، تلعب دورًا مهمًا في رفع خطر الإصابة لدى الذكور، إلى جانب التقدم في العمر واضطرابات الهرمونات. لذلك، توصي الدراسة بضرورة إدماج الرجال في حملات التوعية والعلاج، خاصة من لديهم تاريخ عائلي مع المرض.
هل تظهر أعراض سرطان الثدي فجأة؟
المرض لا يبدأ بأعراض واضحة، بل يتطور تدريجيًا على مدى سنوات. في البداية، قد لا يشعر المصاب بأي تغير، لكن مع الوقت تبدأ بعض العلامات بالظهور، مثل وجود كتلة غير مؤلمة في الثدي، أو تغيّر في شكل أو حجم الثدي، أو إفرازات غير طبيعية من الحلمة.
منطقة الحلمة والجلد المحيط بها قد تُظهر تغيرات في اللون أو الملمس، وقد يحدث انكماش أو انعكاف في اتجاه الحلمة. هذه الأعراض لا تعني بالضرورة وجود سرطان، لكنها تستدعي مراجعة الطبيب فورًا لتحديد السبب بدقة.
ما هي أهم الطرق العلاجية المتوفرة؟
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في خيارات علاج سرطان الثدي، خاصة في مجال العلاجات الموجهة والجينية. الجراحة لا تزال خيارًا أساسيًا، سواء باستئصال الورم فقط أو الثدي بالكامل، مع إمكانية إعادة البناء. العلاج الإشعاعي يُستخدم لتقليل خطر عودة الورم، خاصة بعد الجراحة.
تشمل الخيارات العلاجية الرئيسية:
هل يمكن الوقاية من سرطان الثدي؟
مع التطور في العلاجات، يظل التشخيص المبكر والفحص الدوري حجر الزاوية في مواجهة سرطان الثدي. الوقاية لا تعني الحماية المطلقة، لكنها تقلّل من احتمالية الإصابة بشكل كبير. تبنّي نمط حياة صحي، يشمل ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء متوازن، والحفاظ على وزن مناسب، وتجنّب التدخين، كلها عوامل تساهم في تقليل خطر الإصابة.
كما أن التوعية المجتمعية، والدعم النفسي، والتثقيف الصحي، تُعدّ أدوات لا تقل أهمية عن العلاج الطبي في مواجهة هذا المرض.
يؤمن نادي البحث العلمي في كلية الصيدلة – جامعة اليرموك بأن نشر الوعي الصحي مسؤولية مشتركة، وأن المعرفة هي الدرع الأقوى في مواجهة الأمراض.
وفي هذا الشهر الوردي، نؤكد التزامنا بدعم حملات التوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتشجيع الطالبات والمجتمع المحلي على تبنّي أسلوب حياة صحي قائم على الوقاية والفحص المنتظم.
فلنجعل من أكتوبر تذكيرًا دائمًا بأن الأمل يبدأ بخطوة... والفحص المبكر حياة.

رعى عميد شؤون الطلبة الدكتور أحمد الشريفين، الفعالية التي نظمها فريق بصمة اليرموك في عمادة شؤون الطلبة بعنوان "بصمة البداية"، للطلبة المستجدين بهدف تعريفهم بالحياة الجامعية وتنمية مهاراتهم الأكاديمية والشخصية.
ورحب الشريفين بالطلبة الجدد مهنئا انضمامهم لأسرة اليرموك الطلابية، مؤكّدًا حرص العمادة على تهيئة بيئة جامعية محفّزة تسهم في بناء الشخصية المتكاملة للطلبة، وتوجيه طاقاتهم نحو الإبداع والمسؤولية والانتماء.
وأشاد بجهود فريق "بصمة اليرموك" في تنفيذ المبادرات التي تعزز ثقافة العمل الجماعي والمواطنة الفاعلة.
وتضمنت الفعالية ثلاث ورشات تدريبية متخصصة، جاءت الأولى بعنوان "انطلاقة الفصل الجديد والرحلة الأكاديمية" قدّمها الدكتور محمد الرواشدة من كلية الحجاوي للهندسة التكنولوجية، وركّزت على مهارات التكيف مع متطلبات المرحلة الجامعية وتنظيم الوقت الأكاديمي.
أما الورشة الثانية فتناولت "مهارات سوق العمل" وقدمها محمد العزام، مسلطًا الضوء على الكفايات التي يحتاجها الطلبة لبناء مسار مهني ناجح، وجاءت الورشة الثالثة بعنوان "العمل التطوعي والمهارات الرقمية" قدمتها الدكتورة خلود الزعبي، وناقشت فيها دور التطوع والتمكين الرقمي في تنمية روح المبادرة لدى الشباب الجامعي.
واختُتمت الفعالية بتكريم المشاركين، وسط تفاعل الطلبة الذين أعربوا عن تقديرهم لدور عمادة شؤون الطلبة في دعمهم وتوفير فرص التنمية الشخصية والمهنية لهم منذ اليوم الأول لانضمامهم إلى الجامعة.







إعداد الطالب حذيفة مسلماني- عضو نادي البحث العلمي/كلية الصيدلة
بإشراف د. إسلام بردويل/ د. غيناء أبو ذياب
يعدُ مرض ألزهايمر من أكثر الأمراض العصبية تعقيدًا وشيوعًا في العالم، إذ أن الكثيرين يصفونه بأنه مرض النسيان أو فقدان الذاكرة، إلا أن واقع المرض أبعد من ذلك، فهو يؤثر على كافة وظائف الدماغ تدريجيًا، وعليه يمكن وصف المرض بأنه مرض تدريجي تظهر أعراضه بمرور السنين.
في هذا المقال سنسلط الضوء على آلية حدوث هذا المرض وتطوره داخل الدماغ، وانتشاره وبعض جوانبه المخفية لدى الأغلب، بالاضافة إلى طرق علاجه الحديثة.
كيف يحدث المرض؟
أولًا: يبدأ الدماغ بإنتاج قطع صغيرة من بروتين يسمى بيتا أميلويد التي تتجمع حول الخلايا العصبية على شكل ألواح صغيرة (plaques) مما يؤدي إلى منع التواصل الطبيعي بين العصبونات.
ثانيًا: داخل الخلايا العصبية يوجد بروتين آخر يسمى تاو يقوم بعمل تثبيت لمسارات تنقل الغذاء والاشارات داخل الخلايا، لكن في الزهايمر يتغير شكلها بحيث تصبح متشابكة (tangles) وبالتالي تمنع وصول الغذاء والإشارات للخلية مما يؤدي لموتها.
ثالثًا: الخلايا المناعية في الدماغ تحاول تنظيف بروتين الأميلويد، لكن في غالب الأحيان تفشل في ذلك وتبقى نشطة، ونتيجةً لذلك يحدث إلتهاب مزمن في الدماغ يفاقم المشكلة.
رابعًا: النظام المسؤول عن تنظيف الفضلات داخل الدماغ يسمى (glymphatic system) يَضعُف ويصبح أقل كفاءةً، مما يزيد من تراكم الأميلويد والتاو.
والجدير بالذكر أن أول المناطق تأثرًا بهذا الموت العصبي هي منطقة الحُصين المسؤولة عن الذاكرة، وبعدها ينتشر بشكل تدريجي إلى باقي المناطق كالتفكير، واللغة، وإتخاذ القرار...إلخ.
ما هي الفئة الأكثر عرضه للإصابة بمرض ألزهايمر وما نسبة انتشاره؟
يمكن القول أن كبار السن هم الأكثر عرضة وخاصة ممن هم فوق الخامسة والستين من العمر، أيضًا النساء أكثر عرضة من الرجال بسبب طول العمرإضافةً إلى عوامل هرمونية، كما أن أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري والضغط تزداد نسبة إصابتهم بألزهايمر، ولا بد لنا أن نشير إلى أن العوامل الوراثية والجينية تلعب دورًا كبيرًا في كثير من الأمراض لا سيما الزهايمر.
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين بالخرف حوالي 55 مليون شخص حول العالم حتى عام 2023 وغالبيتهم مرضى ألزهايمر ما يقارب نسبته 60% - 70% من حالات الخرف، أيضًا ووفقًا لتقرير المجلس الوطني لشؤون الأسرة الأردني فإن نسبة المصابين بألزهايمر من كبار السن حوالي 14.4%.
دعونا نتطرق لبعض الجوانب التي يجهلها الأغلب عن داء ألزهايمر
قد يظن البعض أن أعراض ألزهايمر تظهر بشكل مفاجئ مع تقدم العمر لكن الواقع يقول أن المرض يبدأ قبل ظهور الأعراض بـ 10 – 20 سنة.
هناك دراسات أظهرت أن البكتيريا التي تعيش داخل أمعاء الإنسان لها دور في الإلتهاب والمناعة في الدماغ مما يزيد من خطر أعراض ألزهايمر إذا تغيرت تركيبة البكتيريا.
ألزهايمر ليس له علاج فعلي
رغم أن الزهايمر يُعدُّ من أصعب الأمراض العصبية، فإن العلاجات المتوفرة اليوم تساعد فقط في التخفيف من الأعراض، ولا تعالج السبب الجذري وأشهر هذه الأدوية هي:
مثبطات الكولينستراز مثل (DonepezilوRivastigmine)، التي تزيد من المادة الكيميائية في الدماغ وترتبط بالذاكرة، وتفيد خاصة في المراحل المبكرة، لكن تأثيرها يعتبر محدودًا.
ويستخدم دواء Memantine عادةً في المراحل المتوسطة أو الشديدة، ويساعد على تقليل الارتباك وتحسين القدرة على القيام بالأنشطة اليومية.
في السنوات الأخيرة ظهر جيل جديد من الأدوية يُسمى الأجسام المضادة للأميلويد مثل (Lecanemab وDonanemab). تعمل هذه الأدوية على إزالة ترسبات بروتين الأميلويد من الدماغ، وقد أظهرت بعض الدراسات أنّها تبطئ المرض بشكل ملحوظ عند المرضى في المراحل الأولى، لكنّها ليست علاجًا نهائيًا، ولها مخاطر مثل حدوث تورّم أو نزيف دماغي، لذلك يلزم مراقبة دقيقة للمريض.
بالمقابل، هناك أدوية أخرى مثل Aducanumab التي أثارت جدلًا كبيرًا بسبب ضعف الأدلة على فعاليتها، وأدوية أخرى مثل مثبطات BACE التي فشلت في التجارب السريرية.
هناك اتجاهات جديدة تستهدف بروتين تاو المسؤول عن تشابك الألياف العصبية، وأخرى تركز على الالتهاب في الدماغ، لكن هذه العلاجات ما زالت في مراحل التجربة.
ومن الجدير بالذكر أن العلاجات غير الدوائية تمثل جزءًا مهمًا من عملية السيطرة على مرض ألزهايمر، والتي تركز على رفع جودة الحياة والوظائف المعرفية لكن دون شفاء من المرض، من أبرزها التحفيز العقلي، مثل حل الألغاز والقراءة وألعاب الذاكرة، حيث تهدف هذه الأنشطة إلى تنشيط الدماغ وإبطاء التدهور المعرفي.
تلعب البحوث العلمية دورًا هامًا في مواجهة مرض ألزهايمر، فهي تساعد الباحثين على فهم الأسباب البيولوجية للمرض، مما يفتح الطريق لتطوير أدوية تستهدف هذه الأسباب بدقة، وهذا يوضح أن البحث المستمر ليس مجرد دراسة نظرية بل أداة عملية لإنقاذ المستقبل الصحي لملايين البشر حول العالم.
هل هناك طرق فعّالة للوقاية من المرض؟
على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ لمرض ألزهايمر حتى الآن، إلا أن الوقاية تبقى الخيار الأكثر جدوى للحد من خطورته، فقد أظهرت الدراسات أن ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على توازن غذائي يقلّل من مستويات الكوليسترول، إضافةً إلى النوم الكافي والجيد، تسهم جميعها في دعم صحة الدماغ وتقليل تراكم البروتينات الضارة. وبذلك، فإن تبنّي أنماط حياة صحية يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة هذا المرض العصبي.

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.