إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.
داء السكري عند الأطفال
إعداد الطالبتين: إسراء شداد ورؤى اللوباني/ كلية الصيدلة
إشراف الدكتور أسامه أبو الرب/ كلية الصيدلة
بات داء السكري جائحة ترهق النظام الصحي في الدول العربية، حيث يوجد ما يقارب من 35 مليون مصاب به داخل المجتمع العربي، كما وأن معدلات الإصابة به تجاوزت %20 في بعض الدول العربية.
ما يزيد الأمر تعقيدا أن 50% من المصابين لا علم لهم بالإصابة به، وهي ظاهرة تفوقت فيها الدول العربية على باقي شعوب العالم، وهنا يكشف أطلس الاتحاد العالمي للسكري بنسخته العاشرة أن أعلى معدلات الانتشار للسكري وقعت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2021، وستبقى الأولى على المستوى العالمي حتى عام 2045، كما أن الأطفال لم يسلموا من زيادة في نسبة الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري بعد ان كان النوع الأول هو الأكثر انتشارا في تلك المرحلة العمرية.
يأتي معظم ( السكر ) في الجسم من الطعام والشراب وعندما يهضم يدخل السكر إلى مجرى الدم حيث تبدأ دورة الأنسولين - وهو هرمون يفرزه البنكرياس - لتنظيم مستويات السكر في الدم من خلال نقل السكر إلى داخل الخلايا و بدون الكمية المناسبة من الأنسولين فلا ينتقل السكر إلى الخلايا وإنما يتراكم في الدم وتعد مستويات السكر في الدم المرتفعة بشكل غير طبيعي، إما لأن الجسم لا ينتج ما يكفي من الأنسولين أو أن الخلايا فشلت في الاستجابة بشكل طبيعي للأنسولين مما يسبب مرض السكري .
السكري في النوع الأول تهاجم الخلايا المناعية في جسم الإنسان البنكرياس مما يؤدي إلى تعطل خلايا بيت، التي تنتج الأنسولين وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف كبير في إنتاج الأنسولين، ولا يزال السبب غير معروف وراء ذلك، ولكن يعزى السبب أحيانا إلى إصابة الأطفال بعدوى مرضية في سن مبكر؛ ويتميز السكري من النوع الثاني أن خلايا جسم الإنسان تبدأ في مقاومة الاستجابة للأنسولين، وفي نفس الوقت يبدأ البنكرياس بصنع وإفراز كميات أكبر من الأنسولين، مما يؤدي إلى تراكم السكر في الدم بشكل غير طبيعي.
حتى تسعينيات القرن الماضي، كان أكثر من % 95من الأطفال المصابين بالسكري يعانون من النوع الأول، أما اليوم فتشير الإحصائيات الأمريكية إلى أن حوالي ثلث الأطفال الذين جرى تشخيص إصابتهم بالسكري حديثا يعانون من النوع الثاني، وهذا عائد إلى زيادة أعداد الأطفال المصابين بزيادة الوزن أو السمنة.
يحدث النوع الثاني من داء السكري بعد البلوغ عادة وعلى الرغم من أن العديد من الأطفال يصابون بالسكري من النوع الثاني في الفترة بين 10 - 14 عاما ، إلا أن أعلى معدل يحدث في أواخر مرحلة المراهقة في الفترة بين 15 - 19 عاما ولا يزال من غير الواضح بشكل الكامل سبب إصابة بعض الأطفال بالسكري من النوع الثاني وعدم إصابة الآخرين ، على الرغم من تعرضهم لعوامل خطر مماثلة ، منها : زيادة الوزن ، قلة النشاط البدني والنظام الغذائي الذي يعتمد على تناول اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة والمشروبات المحلاة بالسكر ، التاريخ العائلي المرضى بحيث يزداد خطر الإصابة إذا كان أحد الوالدين أو الإخوة مصابا بالسكري من النوع الثاني ، العمر والجنس حيث يصاب العديد من الأطفال بداء السكري من النوع الثاني في فترة مبكرة في مرحلة المراهقة ، وتعد الإناث الأكثر عرضة للإصابة به .
الأعراض:
قد تبدأ إصابة الأطفال بداء السكري من النوع الثاني بشكل متدرج جدا إلى درجة أنه لا تظهر له أعراضا ملحوظة وفي بعض الأحيان يشخص هذا الاضطراب أثناء فحص طبي دوري ومن أبرز أعراض مرض السكري: العطش الشديد، التبول، زيادة الشعور بالجوع، الإرهاق، ضبابية الرؤية، ظهور مناطق داكنة ( تصبغات ) في الجلد ، غالبا حول الرقبة أو تحت الإبطين .
التشخيص:
يتم التشخيص من خلال مجموعة من الفحوصات المخبرية التي قد يلجئ الطبيب إليها حسب ما هو مناسب وبعد الاطلاع على الأعراض السريرية ومن هذه الفحوصات، تحليل سكر الدم العشوائي، تحليل سكر الدم الصائم، تحليل الهيموغلوبين السكري (السكري التراكمي) أو تحمل الغلوكوز الفموي.
للتفريق بين النوع الأول والثاني من السكري، يقوم الطبيب بإجراء اختبارات دموية تتحرى أضداد بروتينات متنوعة تفرزها نفس الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، وتوجد هذه الأضداد بالعادة عند الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول، ونادرا ما تكون موجودة عند الأطفال المصابين بالسكري من النوع الثاني، وبناء على التشخيص يتم صرف العلاج والجرعة المناسبة لدى الطفل حسب ما يراها الطبيب وغالبا ما يكون دواء الميتفورمين .
المضاعفات:
يؤثر داء السكري من النوع الثاني على جميع أجزاء جسم الطفل، بما في ذلك الأوعية الدموية والأعصاب والعينين والكليتين.
تحدث المضاعفات طويلة المدى للمرض تدريجيا على مدار عدة سنوات وقد تصل إلى درجة شديدة أو تسبب الوفاة، ترتبط هذه مضاعفات بارتفاع ضغط الدم وتشمل ارتفاع مستوى الكوليسترول، مرض القلب والأوعية الدموية، السكتة الدماغية، تلف الأعصاب، أمراض الكلى، وأمراض العين بما في ذلك فقدان البصر.
الوقاية:
من المقولات المتوارثة عن الأجداد " درهم وقاية خيرا من قنطار علاج " ولوقاية طفلك من سكري النوع الثاني ينصح باتباع الخطوات التالية: - تخفيض الوزن ليتناسب مع الطول والعمر.
- تحسين الخيارات الغذائية وضبط حجم الحصص الغذائية، والانتقال إلى الأطعمة قليلة الدهون، التخلص من المشروبات السكرية، وزيادة كمية الألياف في الغذاء عن طريق تناول المزيد من الخضار والفواكه.
وكما يوصي الأطباء مرضى السكري بممارسة الرياضة بمعدل لا يقل عن 3 ساعات أسبوعيا أهمها ممارسة التمارين الرياضية الهوائية مثل المشي السريع والهرولة يعد ذلك أمرا مهما في الوقاية والعلاج، لأنها تحسن من مستوى السكر في الدم وتقلل الوزن.
ختاما.. جاءت هذه المقالة بعد رصد ما نشر من البحوث الوبائية لداء السكري باستخدام محركات البحث العلمية وقواعد البيانات (PubMed, Embase ،المركز الوطني للسكري والغدد الصم و الوراثة) .