إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.
رعى رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي افتتاح فعاليات ندوة "التحول الديمقراطي في الوطن العربي والباحثين الشباب في العلوم السياسية"، التي نظمها قسم العلوم السياسية في كلية الآداب.
ورحب كفافي في بداية الندوة بالمشاركين في أعمالها والذين يعتبرون من القامات السياسية والوطنية ممن لهم باع طويل في تطوير الحركة السياسية والديمقراطية في الأردن، مشيدا بالدور الهام والفاعل الذي يقوم به أساتذة قسم العلوم السياسية بالجامعة من خلال تأهيل طلبته وتسليحهم بمختلف المهارات والعلوم اللازمة للاضطلاع بدورهم والانخراط في الحياة السياسية والاسهام بالتحول الإيجابي المنشود في هذا المجال.
واستعرض تاريخ الديمقراطية عبر التاريخ والتي بدأت قبل 5000 عام، مرورا بالعصور الكلاسيكية التي ظهر فيها مجلس الشيوخ وصولا إلى يومنا هذا، لافتا إلى أن الأردن حباه الله بوجود القيادة الهاشمية الحكيمة التي أرست مبادئ الديمقراطية في مختلف مؤسساته، وان هذا الوطن يتمتع بوجود البرلمان والوسائل الإعلامية المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي وما يرافقها من تمتع بالحريات تمكن المواطنين من التعبير عن آرائهم المختلفة وميولهم السياسي والحزبي بكامل الحرية.
بدوره أكد الدكتور أمين مشاقبة من الجامعة الأردنية من خلال ورقته "التحديات الداخلية للديمقراطية في الأردن" على مع وجود الديمقراطية في أي مجتمع يتوجب وجود سلوك ديمقراطي يؤدي بدوره إلى تحول وتغيير إيجابي في المجتمع، لافتا إلى أن هناك قيم محددة ترتبط فيها الديمقراطية وهي احترام كرامة الإنسان، واحترام الرأي الآخر، والعقلانية، وسيادة القانون، وتداول السلطة، ودورية الانتخابات، والرقابة السياسية، مستعرضا شروط انبثاق الديمقراطية وهي الاعتزاز بالهوية الوطنية، والانتماء والولاء للدولة، والتمتع بمبدأ المواطنة، وانحصار الانتماءات الضيقة.
وفيما يتعلق بالحركة الحزبية في الأردن أشار المشاقبة إلى انه يتواجد حاليا 47 حزبا سياسيا مرخصا أساسها الائتلاف الحزبي، لكنها تفتقر لآليات العمل والمقومات التي تمكنها من تشكيل الحكومات البرلمانية، مشددا على ضرورة توسيع قاعدة المشاركة السياسية في الأردن مما يمكن الشعب من المشاركة في عملية صنع القرار، وإعادة منظومة الأخلاق في المجتمع من خلال زيادة التوعية السياسية في المجتمع، وتعزيز المسار الديمقراطي في الحياة السياسية.
من جانبه أشار عقل بلتاجي في مداخلته إلى ان هناك تعريف للديمقراطية مفاده أنها الجغرافيا المتحركة، لافتا إلى أنه ومع تغير الظروف في العالم ككل يقودنا إلى تعريفها بأنها الاقتصاد المتحرك، والديموغرافية المتحركة، مشيرا إلى أن هناك مصطلح موجود حاليا وهو صناعة الانطباع فهناك جهات تقوم على بث الشائعات وصناعة انطبع حول موضوع معين يؤدي بقيام الأزمات في الدول سواء الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية.
وقال بلتاجي إن الثورة العربية الكبرى قامت على شعارات الحرية والعدالة والحياة الأفضل، مشيرا إلى أن القرار السياسي والاقتصادي يقوم على ثلاثة عناصر وهي: الأرضية التي تتمثل بالموجودات، والذهنية ما يدور من أفكار، والظرفية التي تقوم على ما يرتبط من أحوال والظروف مع الزمان الذي تقوم به الديمقراطية.
الدكتور محمد المقداد من جامعة آل البيت أشار في ورقته "الديمقراطية ومستلزمات التأطير لدى مكونات الوحدة السياسية في العالم العربي" إلى أن الديمقراطية وسيلة وليس غاية، وان مشكلتنا الحالية تقوم على غياب الثقة بين أفراد المجتمع من جانب، وبين الشعب والحكومات من جانب آخر، مؤكدا على حاجتنا الملحة في الوقت الحالي إلى الترميم الفكري لقيمنا، لنتمكن من ارساء قواعد الديمقراطية في مجتمعنا.
وتطرق المقداد إلى إمكانية أن تقوم النقابات المهنية والعمالية بعمل الأحزاب السياسية في حال تم تمكينها من تمثيل مختلف القطاعات بالشكل الصحيح.
فيما قال الدكتور علي الشرعة من جامعة آل البيت في مداخلته أن الديمقراطية نشأت في ظروف أصعب بكثير من ظروفنا الحالية، كما أنها نشأت في مجتمعات كانت عصية على التغيير لاسيما الشرقية منها، مؤكدا اننا في الأردن لسنا عصيين على التنمية والتغيير، لافتا إلى أنه اذا تمكنت الدولة من تطبيق الاندماج بين بين مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فسيكون لها قدرة من أن تستمد شرعيتها وصولا لتطبيق مبادئ المواطنة وحقوق المواطن وواجباته، مشيرا إلى أنه في وطننا العربي نعاني من أزمة مفهوم الدولة، التي تتمثل بشخص أو دولة، وهناك تضخم وتمجيد لمفهوم السلطة.
وبدوره أشار الدكتور محمد بني سلامة من قسم العلوم السياسية إلى أن الثقافة تلعب دورا هاما وأكثر بكثير من دور السياسية في التأثير على السلوك الإنساني، مستعرضا مسيرة الديمقراطية في العالم، ودور العامل الخارجي في التحول الديمقراطي في الوطن العربي، مؤكدا أن الديمقراطية كفكرة ومؤسسة وممارسات في أساس هي صناعة غربية بدءا من الإغريقية والحضارة الأوروبية ومرورا بأحداث هامة كالثورة الفرنسية، مستعرضا نشأتها في الدول الغربية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال إن حركات المنادى بالديمقراطية والحرية بدأت في الوطن العربي مع نهايات العصر العثماني، وكانت التحرير والتنمية والاستقلال والديمقراطية هي شعارات المرحلة عندما وقع الوطن العربي تحت الحكم الاجنبي، لافتا إلى أن علاقة الديمقراطية بالفساد هي علاقة عكسية فكلما زاد تطبيق مبادئ الديمقراطية في المجتمعات كلما قلت نسبة الفساد في مؤسساته، والعكس صحيح.
فيما تحدث الدكتور محمد الشرعة في مداخلته عن التحولات الديمقراطية في المنطقة بشكل عام، مؤكدا على ان الاصلاح في مختلف قطاعات الدولة هو الأساس في تطبيق الديمقراطية، مشددا على ضرورة تعديل قانون الانتخاب في الأردن الأمر الذي يعتبر هو الأساس في إحداث التغير الإيجابي المنشود لإفراز نخبة من المجتمع قادرة على قيادته نحو الأفضل بعيدا عن العشائرية والقبلية، لافتا إلى أن عملية التحول الديمقراطي تعتبر طويلة الأمد وتحتاج إلى أجيال للوصول إلى الديمقراطية الحقيقية.
فيما أكد الدكتور نظام البركات على أهمية اضطلاع الأحزاب بالأدوار المناطة اليها بالمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، مشيرا إلى أنه حاليا هناك توجه لتحديد أدوار النقابات بحيث لا تتدخل بالامور السياسية وخاصة الداخلية، مشددا على ضرورة تعديل قانون الانتخاب لأن التحول السياسي الأساسي يقوده تعديل قانون الانتخاب ليكون المنتج جيد وبالتالي إعادة الثقة بالبرلمان الامر الذي يؤدي إلى التحول الديمقراطي المنشود.
وكان عميد الكلية الدكتور محمد بني دومي قد رحب في بداية الندوة بالمشاركين، مؤكدا الاهتمام الذي توليه الكلية بمختلف أقسامها في تنظيم مختلف الأنشطة التي تمكن الطلبة في مجال تخصصهم وتجعلهم قادرين على إجراء البحوث العلمية المتميزة، مؤكدا على اهمية الثقافية السياسية والوعي السياسي من المواطنين تجاه وطنهم خاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة العربية بشكل عام، لاسيما وان قوة الدولة تقاس بقوتها السياسية.
وحضر فعاليات الندوة التي أدارها رئيس القسم الدكتور وصفي عقيل، عدد من اعضاء الهيئة التدريسية في القسم وحشد من طلبته.