استهلت جامعة اليرموك باكورة نشاطاتها مع بدء الدراسة للعام الجامعي الجديد 2022/2023، بندوة علمية، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، رعاها رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، وحملت عنوان "المولد النبوي ميلاد أمة" نظمتها كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالتعاون مع عمادة شؤون الطلبة، بمبنى المؤتمرات والندوات.
وتحدث في هذه الندوة، كل من وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية السابق الدكتور عبد الناصر أبو البصل، من قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية، والدكتور محمد علي العمري، من قسم أصول الدين، في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية.
وأكد مسّاد، في كلمته الافتتاحية، حرص جامعة اليرموك على الاحتفاء في شهر ربيع الأول من كل عام، بذكرى مولد أشرف الخلق، وخاتم الأنبياء والمرسلين، نبي الرحمة المُهداة، الذي وصفه الله تعالى، بقوله الكريم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
وأضاف، بمولده عليه السلام ولدت أمّة عرفت الحق فأقامته، وعرفت الصلاح فالتزمته، فـ جاءت رسالته الطاهرة، مخرجا للبشرية من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم والضياء، فكانت رسالة عمادها الإيمان بالله وحده، قوامها الوسطية والاعتدال، لغرس بذور الخير ومكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمع متماسك متآخي.
وتابع: ان الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، يعني أن نقف مع الذكرى لنستخلص العبر، ونستفيد من الدروس التي قدّمها عليه الصلاة والسلام، من خلال اتّباعه والاقتداء بسنته الشريفة في جميع شؤون الحياة، لافتا إلى أن الاحتفال يأتي أيضا لربط مجتمعنا بأحداث سيرة نبينا العطرة، التي تمثل منهجا متكاملا لحياة المسلم في تعامله مع الأحداث العامة والخاصة، كما وأن مولده الكريم حمل للناس أولى بشائر الرحمة والهدى للعالمين.
وشدد مسّاد على أن احتفال كلية الشريعة والدراسات الإسلامية وعمادة شؤون الطلبة، بذكرى مولده الشريف، مع بداية العام الجامعي يكتسب أهمية خاصة، حيث تبتهج جامعتنا الغراء بعودة أبنائها الطلبة واستقبال طلبتها المستجدين، لتستمر مسيرة العطاء والبناء فيها، تجسيدا لرسالة رسولنا الكريم، التي حثت على طلب العلم والاجتهاد في العمل والإخلاص فيه.
في ذات السياق، أكد عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية الدكتور محمد طلافحة، حرص الجامعة من خلال عمادة الكلية وعمادة شؤون الطلبة، على الاحتفال سنويا بهذه الذكرى العطرة، والتي تزامنت هذا العام مع مطلع العام الجامعي الجديد، داعيا الله أن يكون عاما جامعيا مباركا ومميزا في مسيرة طلبتنا وجامعتنا.
وأضاف نفرح بقدوم ذكرى ميلاد نبينا الطاهرة، وهو الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، فمن مقتضيات الرحمة تحقيق سعادة الناس في العاجل والآجل وفي الدارين الدنيا والآخرة.
وأشار طلافحة إلى أن احتفالنا بهذه المناسبة العطرة هذا العام، يأتي من خلال ندوة علمية، يتحدث فيها عالمين جليلين من علماء الشريعة، حول فضائل سنته الطاهرة، وعظمة الاقتداء بها، بما تمثله من تعاليم شرعية وهداية في مختلف شؤون حياتنا.
وفي الندوة العلمية، أكد أبو البصل، أن الرسول الكريم، أسس حضارة اعادت للإنسان انسانيته، كما وحفظت هذه الحضارة للإنسان كرامته، ووافقت فطرته، فكانت دعوته الشريفة تحفل بالدنيا كما تحفل بالآخرة، مبينا أن هذه الدعوة لم تكن انقطاعا عن الدنيا، وإنما تقوم على بنائها بناء سليما، ليؤدي الانسان رسالته في عمارتها وتحقيق معنى العبودية لله وحدة.
وبين أن من أكبر دلائل الاعجاز أن يأتي الرسول الأمي، ليتلو كتابا معجزا، ويتخذ معجزته عليه السلام، مع دعوته للعالم اجمع مكانا، لتبقى هذه المعجزة إلى يوم القيامة زمانا، بحيث تكون هذه المعجزة بيد أمته من بعده ولا تنتهي بزمان النبوة، لافتا إلى أن الواجب اليوم العناية بالقرآن وأهله، والسنة وفقه الائمة الذي يستند إلى القرآن والسنة.
وأشار أبو البصل إلى أنه ومن واجب الجامعات، ونحن نحتفل بهذه الذكرى العطرة، العمل على إحياء منهج صاحب الذكرى ورسالته في الحياة، بوصفها أمانة أستأمننا الله عليها، وذكرنا بها الله سبحانه وتعالى في مقام الامتنان على أمته، وعليه جاء قوله الكريم "لقد مَنّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين".
ولفت أبو البصل إلى بركة الأرض الأردنية، بنص القرآن والسنة، فقد كانت أرض الأردن مسرحا لبعض أحداث السيرة النبوية الشريفة، وعلى ثراه يرقد عشرات الشهداء من الصحابة، الأمر الذي يُوجب علينا الحفاظ على وطننا وحمايته وبنائه والذود عنه.
في المقابل، رأى العمري، أنه ليس بمقدور أحد أن يعرف قدر النبي عليه السلام، وعظم فضله إلا من عاش فترة مولده الشريف ومبعثه، وعرف ما كان عليه الناس آنذاك من جاهلية موغلة في الانحطاط والتردي، مبينا أن الجاهلية ليست فترة زمنية مضت وانتهت، وإنما هي صفة تموت وتحيا.
ووفق العمري، فنحن العرب مدينون لسيدنا محمد عليه السلام، فقد وحدنا بعد فرقة، فجاء قول الله تعالى " لقد جاءكم رسول منكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"، فقد قدمنا بفضل رسولنا الكريم، للإنسانية حضارة خالدة كانت سبيلا إلى الحضارات الأخرى، إذ أن المسلمين لم يتركوا شيئا يخطر على البال إلا وقد كتبوا فيه ودونوا فيه معارفهم وعلومهم.
وتابع: كان مولده الكريم، بعثا لأمة حية تصلح لوراثة الدنيا، بفضل رسولنا العظيم، ومن انتمى إلى أمته، تلك الأمة التي ترفع شعار الوحدة والعدالة والمساواة، فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، بوصفها أمة قوامها العلم والعمل، مشيرا إلى أن رسولنا الكريم، لم يترك لنا ميدانا من ميادين الحياة الإنسانية إلا وبين ما ينبغي ان يكون حالنا فيه عليه، سواء أكان ذلك في ميادين السياسة والاقتصاد والإدارة وعلم الاجتماع والتربية وغيرها من الميادين والعلوم الأخرى.
ولفت العمري، إلى أن الرسول الكريم علمنا دينا لا عسر فيه ولا شدة، فما كلف الله تعالى نفسا إلا وسعها، فقال عليه السلام "بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"، مشيرا إلى أن الرسول علمنا ان الدعوة إلى الحق لا تكون إلا بالرفق، كما وأن القرآن الكريم احتوى على آيات كثيرة في شأن نبينا عليه السلام، فكان تعظيم الله عز وجل لرسوله أعظم مما نتصور، فلم يترك الله عز وجل لنا مجالا للاجتهاد في كيفية رد الجميل إلى الرسول، لأنه لن يكون بمقدورنا فعل ذلك، وعليه فقد علمنا الله، أن نعود إليه عند ذكر نبيه والطلب إليه أن يذكره في الملأ الأعلى بما هو أهله عليه الصلاة والسلام.