كتب رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، مقالا في جريدة الرأي، بعنوان " عيدُ ميلادِ المَلك... مَساحةٌ لاستلهامِ رؤاهُ ورسائِلُه لنهضة المنظومة التعليمية وتعزيز جودَتِها"، أكد فيه أن رأس مال الدولة الأردنية وثروتها، هو العنصر البشري.
وشدد مسّاد في مقاله على أن جلالته عَكف ومنذ توليه سُلطاته الدستورية في العام 1999 على إيلاء التعليم الذي يُعتبر كَنز الوطن ومَورده جُل العناية والاهتمام، لدوره الجوهري في بناءِ كفاءة العُنصر البشري الأردني وتطوير إمكاناته، الذي ساهم ويساهم في نهضة التعليم في العديد من دول المنطقة.
وتاليا نص المقال:
عيدُ ميلادِ المَلك... مَساحةٌ لاستلهامِ رؤاهُ ورسائِلُه لنهضة المنظومة التعليمية وتعزيز جودَتِها
يُمثل عيدُ ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحُسين مُناسبةً غالية على قلوب الأردنيين، فهو المَثل الأعلى، الذي يقتدي به أبناءُ شعبهِ، لِما للهاشِميين من مَكانة عالية لدى الأردنيين، بما قدموهُ على مَر التاريخ حيثُ كانوا الجامع الأول للأردنيين حولهُم، وهي رسالة بليغةٌ للعالم مفادُها أن الأردن أسرة واحده تلتّفُ حول قيادتها الهاشمية، التي أسهمت وبشكلٍ جليّ في بناء وطنٍ مُتماسك حافل بكافة المبادئ الدينية والإنسانية الجامعة غير المُفرّقة، وطنٌ مُتسامحٌ مِعطاءٌ، رغم شُحِ إمكاناته.
فالأردن يَعتبِرُ رأس مَاله وثروتهُ عُنصره البشري، حيثُ عَكف جلالته ومنذ توليه سُلطاته الدستورية في العام 1999 على إيلاء التعليم الذي يُعتبر كَنز الوطن ومَورده جُل العناية والاهتمام، لدوره الجوهري في بناءِ كفاءة العُنصر البشري الأردني وتطوير إمكاناته، الذي ساهم ويساهم في نهضة التعليم في العديد من دول المنطقة.
وفي هذا المقام لا بُدّ لنا أن نشير إلى ما قدّمته الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك التي تحمِلُ عنوان "بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة"، من رؤيةً ثاقبةً نحوَ ما يكتنِفُ ملفَّ التعليم من تحديات كبيرة توجب بذل الجهود لتجاوزها، وابتكار الحُلول الناجعة لها، وُصولاً إلى نظامٍ تعليميٍّ حَديث، يُشكِّلُ مُرتكزًا أساسيًّا في بناء المُستقبل الزاهر الذي يسعى إليه الأردن.
وقد أكد جلالته فيها على أن كُلَّ أردنيٍّ يَستحقُّ الفرصة بأن يتميزَ وأن يُبدعَ وأن ينفتِحَ على الثقافات، وأن ذلك يقعُ على عاتَقِ الجميع، شعباً وحكومةً ومؤسساتً خاصةً وعامة، لتوفير البيئة الحاضنة لبناء القُدرات البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة، ودعا جلالته إلى مواكبة رَكبِ الحضارةِ وتطوُّرِ العلومِ والمعارِف في ضوءِ ما يشهَدُهُ العالَم من تطوُّرٍ تكنولوجيٍّ هائِل، وحَث العُنصرَ البشريَّ الأُردُنيّ إلى امتلاكِ المهارات وتوسيع المدارك ولا سيما الاتصال والتواصُل ومبادئ العمل المهنية والتحليل والتفكير الناقد للمُشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة وتطويرها، إيماناً من جلالته بمِحوريَّةِ التعليم العالي كقطاعٍ استراتيجيٍّ أساسيٍّ لا غِنى عنهُ في نهضةِ الأُردُنِّ الشّاملة.
فكانت تلك الورقة الملكية بما حوتهُ من نظرةٍ طَموحَةٍ من جلالته بأن يكون للأردُنِّ تجرُبةٌ جاذِبةٌ مُؤثِّرةٌ في الآخرين عنوانُها التميُّزُ والنّجاح، ليبقى وطنُنا ومؤسساتِهِ التعليميّةِ رائداً وقائداً لمسيرة تحديث التعليم في العالم العربي، وسبّاقاً في إحداث التحوُّلِ نحوَ مُجتمع المعرفة، فجاءت الورقة بمثابَةِ خارِطَةِ طريقٍ، ودعوةٍ من جلالته نحو التوجُّهِ لتحقيق الريادةِ الإقليميّةِ والعالَميّة في مؤسسات التعليم العالي الأردني مُتمثِّلَةً في الجامعات وذلك بما تضمّنتهُ من طُروحاتٍ خلّاقة تعكِسُ رؤيةً ملكيةً واقعيةً لجميع التحديات التي تُواجه هذا القطاع الذي يُمثِّلُ أَحَدَ أهمِّ الثّرَواتِ الوطنيّةِ ومداخيل الأردن الرئيسة.
أما جامعةُ اليرموك فهي سبّاقةٌ على الدوام لالتقاط الرّسائل الملكية السامية وترجمتها على أرض الواقع، والسّيِر على هَديِ جلالة الملك ورؤاهُ، تُولي العُنصُرَ البشريَّ الأولويّةَ لتحقيقِ البرامِجِ التنمويّةِ ولتمكينِ الجامعة من دُخولِ سوق المُنافَسَةِ العالميّة، لا سيما ما تعلّق منها بالاقتصاد المعرفِيِّ القائِمِ على رأسِ المالِ البشريّ سواء كان أكاديميًّا أو إداريًّا أو الطالب الذي يُعتبرُ العُنصُرَ الديناميكيَّ والمُحرِّكَ الأساسيَّ في الجامعة، نظراً لما يمتَلِكُهُ الشبابُ من طاقاتٍ هائلة وإمكاناتٍ مُتجدّدةٍ يجبُ استثمارُها، فأهمية تحفيز الشباب على الرّيادَةِ والإِبداعِ والتميُّز هو حَجرُ الأساس لكثيرٍ منَ الخرائِطِ والسّياساتِ التنمويّةِ الناجحةِ والرؤى الإصلاحيّةِ في الجّامعات.
كما أن بِناءُ الإنسانِ المُتعلِّمِ القادِرِ على المُشارَكةِ الفاعِلَةِ يُلزِمُ أن يكونَ مُسلّحاً بالعِلمِ والمهاراتِ جنباً إلى جنب، حيثُ حرَصَت الجامعةُ عبرَ برامِجَ وخُطَطٍ أكاديميّةٍ وأُخرى لا منهجيّة على تزويدِ طلبَتِها بالمهاراتِ الذاتيّةِ ومهاراتِ الاتّصالِ والتّواصُل، والمُرونةِ العقليّةِ والحِوار والقُدرَةِ على تقبُّلِ التّغييرِ والتّأقلُمِ مَعَه، وفي خِضَمِّ ذلك لم تُغفل الجامعةُ الجَّانِبَ التّقنيّ الذي يتعلّقُ بالتعامُلِ مَعَ الحَوسَبَةِ والرَّقمَنَةِ والذّكاءِ الاصطناعيّ وغيرِها مِنَ التّقنيّاتِ والمهاراتِ التّخصُّصيّة.
أما ما نستلهِمُهُ في هذه المُناسبة الغالية من مؤشّرات مُرتبطة بما يريدُه سيّد البلاد للوطن وإنسانه، فتتركز في ضرورةُ تكثيفِ الجُّهودِ المبذولةِ لتطويرِ (الجامعات) والارتقاءِ بها لاسيما وأنها لا تزالُ تُعاني من عَثَراتٍ ومُعيقات كضَعفِ البُنى التحتيّة التي يرتَكِزُ عليها تفعيلُ الرّيادَةِ الجّامعيّةِ التي لن تتحقّقَ دونَ النُّهوضِ بالعمليّةِ التدريسيّةِ برُمّتِها، والبحثِ العِلميِّ الجّادِّ والرّصين المَربوطِ بقضايا المُجتَمَعِ واحتياجاتِه، ودونَ أن تمتلِكَ الجامعات ميّزَةً تنافُسيّةً جاذبة، إضافةً إلى وُجوبِ الاستفادَةِ مِنَ الخِبراتِ العالميّةِ للجّامِعاتِ الرّائِدَة عن طريقِ برامِجِ التّوأَمَةِ والشّرِاكات البحثيّة، وتفعيلِ القياداتِ الشّبابيّة، وإيجادِ وتعزيزِ رُؤيَةٍ وثقافَةٍ رائدة وامتلاكِ إمكانيّاتٍ ماديّةٍ وبشريّةٍ مؤهَّلَة.
في عيدِ ميلادِ القائد ثَمّةَ الكثيرُ من الرّسائِلِ التي يجب أن نتفحّصَها في ميادينِ العَمَلِ والبِناء في مُختَلَفِ مؤسّساتِنا وقِطاعاتِنا، وعلى رأسِها الجّامِعات التي تُعتَبَرُ حواضِن فكريّة وثقافيّة، وبيوتَ خِبرَةٍ، يجبُ أن تُسهِمَ إسهاماً حقيقيّاً في رِفعَةِ الوطَنِ وإِعلاءِ شأنِه.
كُلُّ عامٍ وجلالةُ سيّدنا والوطن والشعب الأُردُنيّ الأبيّ بألفِ خير.