- مسّاد: حياة الحسين ليست تجربة عابرة.. وإنما جملة من العناوين العظيمة التي تستحق الوقوف عندها
- المجالي: موقف الحسين تجاه القضية الفلسطينية والقدس نقطة مركزية في تاريخ النضال العربي والإسلامي
- القسوس: تميز الحسين بالتسامح.. فكان حكيما بقراره.. نموذجا بسعة صدره واستيعاب الاختلاف
استذكرت جامعة اليرموك جلالة الملك الباني الحسين بن طلال- طيب الله ثراه-، بندوة فكرية حملت عنوان (الحسين بن طلال "ملكا وقائدا وإنسانا") بمناسبة الذكرى الـ 88 لميلاد جلالته، رعاها رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، ونظمتها عمادة شؤون الطلبة في القاعة الرئيسية لمبنى المؤتمرات والندوات، وسط حضور وتفاعل طلابي واسع من مختلف كليات الجامعة.
وتحدث في الندوة، التي بدأت بقراءة الفاتحة على روح الحسين الباني وشهداء الأردن وفلسطين، كل من النائب ايمن هزاع المجالي، والعين الفريق المتقاعد الطبيب يوسف القسوس، بحضور رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور رويدا المعايطة، فيما تولى إدارتها رئيس القسم الثقافي والإعلامي في عمادة شؤون الطلبة أحمد الحوراني.
وقال مسّاد: في هذه الندوة الفكرية، نتناول سيرة ملك استثنائي، إلا أنه لا بد نشير إلى ما يمر به الأردن كما فلسطين والأمة من أيام ثقال، وما تتعرض له غزة وأرض فلسطين الطهور، من عدوان سافر للاحتلال الإسرائيلي الغاشم وجرائمه ضد الإنسانية، إلا أن هذا الوطن لا يزال الرئة التي تتنفس منها فلسطين، وستبقى قيادتنا الهاشمية السند والعضد للأشقاء في فلسطين، وسيبقى الشعب الأردني الدرع والحصن للشعب الفلسطيني على الدوام.
وأضاف أن الحديث عن سيرة الراحل الكبير وكتابة تاريخه المجيد، هي عملية تحتاج إلى جهد مؤسسي منظم وشامل ومدروس، ليس على نطاق محلي أو عربي فحسب، وإنما عالمي لأن الامتداد العالمي لشخصية جلالته تستوجب التحليق في آفاق بعيدة وواسعة على مستوى قارات العالم التي كان لجلالته فيها ومع قادتها صولات وجولات نشأت لأجل فلسطين والأمة دفاعا عن قضاياها العادلة، ولأجل الحياة الكريمة والآمنة للإنسان في كل بقعة فوق الأرض، مشددا على أن حياة الحسين ليست تجربة عابرة نمر عليها مرور الكرام بقدر ما هي جملة من العناوين العظيمة التي تستحق الوقوف عندها.
وتابع: لقد آمن الحسين بإن البناء عملية تراكمية لا تنتهي بانتهاء عمر الإنسان، وعليه كانت هديته العظيمة لشعبه يوم مولد نجله الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، الذي تسلم الراية وأدامها خفاقة عالية ترفرف في سماء الوطن والأمة، وها نحن مع أبي الحسين نواصل مسيرة الراحل الكبير، في خدمة وطننا وتسخير الطاقات وبذل الغالي والنفيس في سبيل تقدمه وازدهاره في شتى الميادين والمجالات.
وشدد مسّاد على أن جامعة اليرموك التي أسسها الحسين بن طلال، نذرت نفسها لخدمة الوطن والمواطن، وها هي تسخر كافة إمكانياتها في سبيل إسناد الجهود الرامية إلى تدعيم وتطوير مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة وتعزيزها، وقد كانت لها مع جلالة الملك عبد الله الثاني محطات كثيرة، في أكثر من زيارة سامية، وفي كل مرة كانت نتائجها مثمرة على خطط الجامعة وبرامجها الأكاديمية والبحثية الفاعلة في التعامل مع قضايا المجتمع ووضع الحلول العلمية لها بهمة وخبرات وكفاءات أعضاء هيئتها التدريسية والإدارية والطلبة.
وقال المجالي: عند الحديث عن الملك الحسين، فإننا نتحدث عن وطن في رجل أفنى شبابه وشيبه في خدمة الأردن والأردنيين والعروبة وفلسطين حتى وفاته عام 1999، مؤكدا أنه كان قائدا وجنديا وقبل ذلك كله كان إنسان يفرح لفرح الأردنيين ويحزن لحزنهم ويشاركهم جميع مناسباتهم في المدن والقرى والبوادي والمخيمات.
وأشار إلى أنه ومنذ تسلم جلالته لسلطاته الدستورية وهو يتطلع إلى خدمة الشعب الأردني ورفع مكانة الوطن وإعلاء شأنه، مبينا أن هاجسه كان بناء الأردن الحديث وإرساء دعائم نهضته الشاملة في جميع المناحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعمرانية، فبات الأردن اليوم بلدا تحكم عمله المؤسسات البرلمانية والحكومية والقضائية، ويحميه جيش عربي مظفر، ويسهر على أمنه أجهزة امنية لا تغمض لها عين.
ولفت المجالي إلى أن مقولة الملك الراحل "الإنسان أغلى ما نملك" تؤكد سعيه لصون كرامة الإنسان الأردني، فأفنى حياته في الحرص على رفع مستوى معيشة المواطن وأمنه وحفظ حقوقه بالدستور والقانون.
ولفت إلى أنه في ظل العدوان الغاشم الذي تتعرض له غزة، لا بد من استذكار مواقف الحسين تجاه قضية الأردن المركزية فلسطين، مشددا على أن موقف الحسين تجاه القضية الفلسطينية والقدس نقطة مركزية في تاريخ النضال العربي والإسلامي، إذ شكل عبر الزمن الدرع الذي حماها من مشاريع الاحتلال والتهويد الإسرائيلية طوال عدة عقود، مستعرضا بعض مواقف جلالته تجاه فلسطين، منها قرار جلالته باستثناء المقدسات الإسلامية والمسيحية من قرار فك الارتباط الإداري والقانوني لتبقى الوصاية والرعاية الهاشمية التاريخية للمقدسات.
وأكد المجالي على أن جلالة الملك عبد الله الثاني يستكمل اليوم المسيرة ويتخذ موقفا واضحا وشجاعا مما يجري في الأراضي الفلسطينية ويسعى لاتخاذ القرارات الهادفة لإيقاف العدوان على غزة.
وقدم القسوس، ورقة حملت عنوان "الملك الحسين الإنسان.. كيف عرفته"، مبينا أن الحسين قائد ملهم أحب الشعب الأردني وصان كرامته، إنسان معروف عنه الوفاء والشهامة والشموخ والعطاء والكرم ونكران الذات، إنسان له ألق وكبرياء وسماحه.
وتابع: لقد تلمس الحسين حياة شعبه الوفي بكل زاوية من أرض الوطن، وتميز حكمه بالتسامح، كان نموذجا في سعة الصدر والقدرة على استيعاب الاختلاف والمعارضة وكظم الغضب، كان رده على الرأي المتطرف والموقف الحاد الكلمة الهادئة الحازمة، عايش هموم الناس لم يرد طلب محتاج أو مريض أو طالب علم، كان حريصا على جلب الخير لشعبه ودفع الأذى عنه.
وأشار القسوس إلى ما يتمتع به الحسين من حكمة وحلم عز نظيره، يأسر بتواضعه ولا تشعر بالحرج عند الحديث معه، لافتا إلى أن هناك علاقة خاصة بين الحسين وشعبه سرها الحقيقي أنه أحبهم إلى درجة التماهي وعمل لصالحهم بتفان شديد، ولم يخلق حواجز بينه وبينهم، وانفتح على الجميع رحيما غير قاس لا يحمل الضغينة في صدره، حكيما سديد الرأي في قراره.
وأضاف أن الحسين أقسم اليمين الدستوري عام 1953، واستمرت فترة حكمه 47 عاما، أدار فيها دفة الحكم وسط الأمواج المتلاطمة، فحافظ على الأردن وأخذه إلى بر النجاة والأمان، محافظا على الأصالة مهتما بالحداثة.
وفي نهاية الندوة، دار نقاش موسع أجاب فيه المجالي والقسوس على ما طرحه الطلبة من أسئلة حول موضوعها.