أصدر كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في جامعة اليرموك، كتابا بعنوان "علاقات الأردن الخارجية في عهد حكومات سمير الرفاعي 1944- 1963م"، والذي يأتي إصداره انطلاقًا من أهداف الكرسي المنبثقة من أهداف الجامعة، في إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالأردن، إسهاما منها في نشر المعرفة عن تطور الأردن الحضاري والتاريخي منذ تأسيس الإمارة.
وقام على تأليف هذا الكتاب مجموعة من الباحثين هم الدكتور عودة الشرعة والدكتور إيهاب زاهر والأستاذ محمد بني عيسى والأستاذة هلا الردايدة، فيما تولى شاغل الكرسي الأستاذ الدكتور محمد العناقرة تحرير الكتاب والإشراف عليه.
وتأتي أهمية هذا الكتاب، كونه يتناول علاقة الأردن مع دول الجوار والقوى العالمية، ودراسة حياة الرواد والساسة والأعلام الأردنيين وأثرهم في بناء الدولة الأردنية، ودور الأردن السياسي والإقليمي، والمساهمة في بحث وتحليل التراث الفكري والسياسي للقادة السياسيين وأثرهم في التنمية والتحديث.
ويتناول الكتاب علاقات الأردن الخارجية في عهد حكومات سمير الرفاعي بين عامي 1944- 1963م وهي فترة تعد من أهم المحطات التاريخية التي مرت بها العلاقات الخارجية للأردن على المستوى العربي والدولي، وما من شك أنها كانت ذات أثر كبير على العلاقات الأردنية – العربية، والأردنية – الدولية لاحقًا، فقد نهجت المملكة وقتها نهجاً يتناغم مع التطورات الحاصلة في العلاقات الدولية، وعليه كان الهدف من وراء البحث في هذه الفترة هو معرفة طبيعة العلاقات التي تربط الأردن بالدول العربية، مع الإشارة إلى أن المنطقة العربية كانت على الدوام ميداناً للتيارات السياسية والفكرية، ومسرحاً للمنافسة بين الأقطاب الدولية المتعددة.
كما وتناول الكتاب موضوعًا هامًا في تاريخ الدولة الأردنية، تمثل في العلاقات الأردنية مع دول الجوار: سوريا ولبنان والعراق وفلسطين ومصر، وعلاقاتها الخارجية مع بريطانيا خلال عهد حكومات سمير الرفاعي، كما وسعى الكتاب إلى إبراز طبيعة العلاقات الأردنية مع الدول العربية في مختلف القضايا والمستجدات الدولية، وإبراز جهود حكومة سمير الرفاعي في هذه القضايا في اللقاءات والمؤتمرات والاجتماعات، وكذلك إبراز صورة العلاقات الأردنية البريطانية ونقاط التقارب والاختلاف والموقف من القضية الفلسطينية، وكيفية التعامل معها.
وقسم الكتاب إلى أربعة فصول، حيث جاء الفصل الأول بعنوان العلاقات الأردنية العربية: سوريا، لبنان، العراق في عهد حكومات سمير الرفاعي، وتناول الملامح التاريخية لمنطقة بلاد الشام، والتحولات السياسية التي شهدتها المنطقة من قيام الحرب العالمية الأولى 1914-1918م، وإعلان الثورة العربية الكبرى 1916م، وصولاً لتأسيس الإمارة، والمعاهدة الأردنية – البريطانية عام1928م، وعلاقات الأردن مع سوريا ولبنان، والعراق.
وتناول الفصل الثاني الموسوم بـ العلاقات الأردنية البريطانية في ظل حكومات سمير الرفاعي 1944- 1963م، بدايات التدخل البريطاني في المنطقة.
أما الفصل الثالث فقد تناول علاقات الأردن مع فلسطين خلال عهد حكومات سمير الرفاعي 1944- 1963م، ومواقف الأردن السياسية تجاه فلسطين، والاهتمام بقضية فلسطين في فكر الملك المؤسس عبد الله الأول.
أما الفصل الرابع والأخير الموسوم بـ العلاقات الأردنية – المصرية في عهد حكومات سمير الرفاعي فقد تناول المباحثات الأردنية المصرية حول مشروع سوريا الكبرى، والوحدة السورية، وموقف مصر منها، واللقاءات والمباحثات الأردنية مع المسؤولين المصريين في القاهرة، والجهود المشتركة بين البلدين في مواجهة الخطر الصهيوني.
وفي تقديمه للكتاب قال رئيس الجامعة - رئيس مجلس إدارة الكرسي الأستاذ الدكتور إسلام مسّاد، إن الدولة الأردنية قامت على مبادئ الثورة العربية الكبرى، وعليه فهي حاملة رسالة الثورة التي أطلقها الشريف الحسين بن علي آملًا بتحقيق حرية العرب واستقلالهم، وقد وجه الهاشميون بقيادتهم الحكيمة سياسة الأردن وعلاقاته الخارجية مع الدول المجاورة نحو تحقيق التضامن العربي والدفاع عن قضايا الأمة العربية، فالأردن جزء لا يتجزأ من الأمة العربية يرى ان من واجبه المحافظة على العلاقات الأخوية مع جميع الدول العربية.
كما ولفت إلى أهمية هذا الكتاب الذي يصدره كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في الجامعة، وتناوله لفترة هامة من تاريخ الدولة الأردنية من أربعينيات حتى ستينيات القرن العشرين، والتي تزامنت مع أحداث سياسية شكلت علامة فارقة في العلاقات الخارجية للأردن مع الدول العربية المجاورة ودول العالم الاخرى، وعلى رأسها مشاريع الوحدة العربية ومشاركة الأردن في تأسيس الجامعة العربية والحروب العربية ضد الكيان الصهيوني عام 1948 ورفض المشاركة في حلف بغداد وتوقيع اتفاقية التضامن العربي وقيام الاتحاد العربي الهاشمي.
وأضاف مسّاد في تقديمه أن هذا الكتاب يعدُ ذا أهمية كبرى لارتباطه بتاريخ الأردن الحديث والمعاصر، حيث يتناول رجالات قدموا جهودا كبيرة للوطن أمثال المرحوم سمير الرفاعي ورجال حكوماته المتعددة الذين واكبوا البدايات الأولى لتأسيس الإمارة، ونهضة الدولة الأردنية، والاستقلال، وشهدوا أحداثا ومراحل تاريخية هامة في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر.
كما وثمَّن مسّاد جهود المؤلفين، مقدرًا لكرسي سمير الرفاعي للدراسات الأردنية ما يقوم به من دراسات هامة من مثل هذا الإصدار، الذي سيرفد بطرحه الجديد تاريخ الدولة الأردنية الحديث بطرح علمي هام يتمثل بجهود الدولة الأردنية، وتناوله الحكومات التي شكلت في الفترات الأولى من التأسيس والاستقلال واكتمال بناء الدولة الأردنية بشكل كامل.
بدوره أشار شاغل الكرسي الأستاذ الدكتور محمد العناقرة، إلى أهمية إصدار هذه الدراسة التاريخية السياسية بوصفها تتناول جانبًا هامًا من المحطات المضيئة لرئيس الوزراء الأسبق سمير طالب الرفاعي، بمشاركة فريق من الباحثين المختصين والبارعين في الكتابة التاريخية، حيث يطلعنا الكتاب على علاقات الأردن الخارجية على المستوى العربي والإقليمي والدولي، ويقدم صورة مشرقة عن الرعيل الأول من رجال الأردن الأوفياء ممن رافقوا الملك عبد الله الأول منذ تأسيسه الإمارة، ومن بعده الملك طلال ونجله الملك الحسين – طيب الله ثراهم- إنه حديث عن رجال كان عطاؤهم موصولاً، وعن رجال كان العمل العام بالنسبة إليهم هدفاً سامياً، خدمةً للوطن وللأمة لا لتحقيق منافع خاصة، وإن قراءة سيرة هؤلاء الرجال إنما هو بعث لقيم وأخلاق حميدة كانت عنوان تعامل رجال الأردن الكبار.
وأكد العناقرة على القيمة الكبرى لإصدار هذه الدراسة الهامة، انطلاقاً من الدور الوطني الهام الذي تقوم به جامعة اليرموك، والقائم على استذكار وتكريم القامات الوطنية الشامخة التي أسهمت في بناء الدولة الأردنية، حيث تولي جامعة اليرموك الكراسي العلمية والبحثية جلَّ عنايتها واهتمامها؛ لما لها من دور هام في خدمة البحث العلمي وتقدمه وإغنائه بالفائدة المرجوة.