استضافت جامعة اليرموك فعاليات ندوة "وثائق أم قيس الأصيلة الموقعة وسياقها التاريخي فترة الحكومة المحلية"، التي نظمتها لجنة قضايا الشؤون المحلية والعربية المنبثقة عن المكتب التنفيذي لاحتفالية اربد عاصمة للثقافة العربية 2022، بالتعاون مع كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية وقسم التاريخ في جامعة اليرموك، وتحدث فيها المؤرخ محمد رفيع.
وتحدث رفيع خلال الندوة عن وثيقةَ أم قيس الرسمية الموقّعة وملاحقها، وأسماء المشاركين في صياغتها والتوقيع عليها، وسياقها التاريخيّ، وبنودها الأساسية والإضافية، والردود البريطانية عليها، في ذلك الوقت.
وبحسب رفيع فإنه لم يكن يتواجد سوى نسخة يدوية غير موقعة لوثيقة أم قيس، محفوظة في المكتبة الوطنية، والسبب في ذلك هو أن الوثائق لم تكن مصنفة ومحفوظة في الأرشيف البريطاني ضمن الوثائق الأردنية، بل ضمن أرشيف انتداب فلسطين؛ لافتا إلى أن الوثيقة تخصّ على نحوٍ مباشر، وقائع جرَت في أربع محافظات أردنية هي (إربد وعجلون وجرش المفرق)، التي كانت تضمّها جميعاً مقاطعة عجلون ومركزها إربد في العام 1920.
وتحدث رفيع عن تاريخ وبنود وثائق أم قيس والشروط التي تضمنتها، وأشار إلى ان وثيقة أم قيس الأصلية نصت على «نقبل بأن تتشكل الآن حكومة عربية وطنية مستقلة، مركّبة من (لوائي) الكرك والسلط و(قضائي) عجلون وجرش، ونطلب بشدّة وإلحاح تشبّث الحكومة البريطانية بضم لواء حوران وقضاء القنيطرة إلى هذه الحكومة، ونتمنى أن يتبعها (قضائي) مرجعيون وصور، تحت انتداب دولة بريطانيا العظمى على الشروط التالية؛ أن يكون لهذه الحكومة أمير عربي، وأن يكون لهذه الحكومة مجلس عام لوحدة البلاد، وسنّ القوانين، وإدارة الشؤون الداخلية، وتنظيم الميزانية، و(أن لا) يكون لهذه الحكومة أي علاقة بحكومة فلسطين، وأن تُمنع المهاجرة الصهيونية بتاتاً إلى داخلية هذه الحكومة، ويُمنع بيع الأراضي إليهم، وأن يكون لهذه الحكومة جيش مِلِّي، لأجل حفظ النظام، وتقرير الأمن فيها، ولها الحق (بتزييد) عدّة هذا الجيش، (إن) رأت (خطر خارجي) يتهدد هذه البلاد.
وأضاف ان الوثيقة اشترطت على أن تملك الحكومة الوطنية وحدها الحق بتجريد السلاح أو بقائه بيد الأهلين، وإعفاء المجرمين السياسيين في هذه المنطقة، وعدم تسليم أي مجرم سياسي كان (يلتجىء) إليها، وكذلك الجرائم العادية (المستحدثة) والمتكونة من أسباب سياسية، كما اشترطت أيضا ضمان حرية التجارة بين هذه الحكومة وما جاورها من حكومات، ومنح إدارة سكة الحجاز الحديدية إلى الحكومة الجديدة باعتبارها وقفا إسلاميا بحتا، وأن يكون شعار هذه الحكومة الآن العلم السوري ذو النجمة، والمطالبة بأن تكون حكومة بريطانيا العظمى منتدبة على عموم سورية، تأميناً للوحدة، وان تمنح الحكومة البريطانية للحكومة الحديدة كل ما يلزم من الأسلحة والعتاد والأدوات الفنية اللازمة لمصلحة البلاد.
بدوره أشار شاغل كرسي المرحوم سمير الرفاعي الدكتور محمد عناقرة خلال إدارته الندوة إلى أن تأسيس الذاكرة الوطنية يفترض دومًا منجزًا يقتضي سمة الاستمرار، وان الإيمان برسالة الوطن مسألة تأخذ طابع القداسة، حينما يكون هذا الوطن يحمل ثقافة أعظم أمة وجدت على هذه البسيطة.
وأوضح أن وثيقة أم قيس والتي تعد من أولى الوثائق الأردنية بعد انتهاء الحكم الفيصلي في سوريا، وصاغها أهل شمال الأردن، صدرت في الثاني من أيلول عام 1920م، وجاءت لتؤكد استمرار النهضة العربية وتصميم العرب مع مفهوم القيادة والسيادة، لافتا إلى أن وثيقة أم قيس تشكل نقطة البداية لتشكيل والتأسيس العملي للدولة الأردنية، وهي مرجع أساسي في تاريخ الأردن، حيث تعكس بنود اتفاقية أم قيس الرؤيا البعيدة لأهل شرق الأردن ووعيهم السياسي وحسهم الوطني وغيرهم على الأرض العربية.