الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وأثره على الفرد والبيئة

WhatsApp Image 2025 01 13 at 11.56.41 AM


كتب الطالب: حذيفة المسلماني - كلية الصيدلة
بإشراف: د. روان الشريدة- كلية الصيدلة

 

يعد الثالث من سبتمبر لعام 1928 من أبرز الأيام في تاريخ الطب الحديث، إذ شهد اكتشاف المضادات الحيوية على يد العالم ألكسندر فلمنج، الذي أحدث ثورة طبية غير مسبوقة، فقد أسهم هذا الاكتشاف في علاج العديد من الأمراض البكتيرية، مما أنقذ ملايين الأرواح وساهم في تحسين نوعية الحياة حول العالم.
إن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل غير صحيح يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية خطيرة على الفرد وعلى البيئة، أحد أبرز هذه الآثار هو مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية..

مقاومة المضادات الحيوية: خطر حقيقي
إن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية هي ظاهرة طبيعية، ولكن طريقة استخدام المضادات الحيوية تؤثر بشكل كبير في سرعة وشدة هذه المقاومة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وهنا تشير الدراسات إلى أن حوالي ثلث الوصفات الطبية للمضادات الحيوية هي غير ضرورية، فعلى سبيل المثال، تظهر أعراض معينة تبدو كأنها عدوى بكتيرية، في حين أنها تكون في الواقع ناجمة عن مرض فيروسي، ومن المعروف أن المضادات الحيوية لا تؤثر في الفيروسات، لذا فإن استخدامها في هذه الحالة لا يفيد، بل قد يزيد من تعقيد الوضع..
إذا تم تناول المضاد الحيوي لعلاج عدوى فيروسية، فإنه قد يقضي على البكتيريا النافعة في الجسم، التي تسهم في الحفاظ على التوازن البكتيري، ما يتيح للبكتيريا الضارة أن تنمو وتنتشر، في الوقت ذاته، تزداد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، مما يجعل العلاج أكثر صعوبة في المستقبل.

كيف تصبح البكتيريا مقاومة؟
تتغير البكتيريا بمرور الوقت، إذ يمكن أن تطور آليات دفاعية تمكنها من مقاومة تأثيرات العلاج، وهذه التغيرات قد تمنع وصول العلاج إلى البكتيريا، أو قد تؤدي إلى تغيير تركيبة الدواء مما يجعله غير فعال، والأسوأ من ذلك، أن بعض البكتيريا القادرة على مقاومة المضادات الحيوية يمكنها نقل خصائصها المقاومة إلى بكتيريا أخرى، مما يؤدي إلى انتشار هذه المقاومة بشكل أسرع وأوسع.

مخاطر التوقف المبكر عن العلاج
من الأخطاء الشائعة التي قد يرتكبها البعض التوقف عن تناول المضاد الحيوي بمجرد الشعور بالتحسن، هذه العادة قد تؤدي إلى بقاء بعض البكتيريا حية في الجسم، مما يعيد العدوى إلى نقطة البداية، علاوة على ذلك، فإن البكتيريا المتبقية قد تكون مقاومة للمضاد الحيوي الذي تم استخدامه في البداية، مما يجعل من الضروري اللجوء إلى مضاد حيوي آخر، وهو ما يعزز دائرة المقاومة.

الأثر البيئي للإفراط في استخدام المضادات الحيوية
لا تقتصر مشكلة الإفراط في استخدام المضادات الحيوية على التأثيرات الصحية فقط، وإنما تمتد لتشمل البيئة أيضًا، فالمضادات الحيوية التي يتم تناولها من قبل البشر والحيوانات قد تجد طريقها إلى البيئة من خلال مياه الصرف الصحي والفضلات، ويمكن أن تؤدي هذه المواد إلى تلوث التربة والمياه، مما يساهم في انتقال الجينات المقاومة إلى البكتيريا الموجودة في البيئة، وبالتالي فإن هذا التلوث البيئي يعقد مكافحة البكتيريا المقاومة ويهدد النظم البيئية الطبيعية.

حلول واحتياطات
من المهم أن نعي جميعاً أن استخدام المضادات الحيوية يجب أن يكون وفقًا للإرشادات الطبية وبإشراف مختصين، وعليه يجب على الأطباء والصيادلة توجيه المرضى إلى الاستخدام السليم للمضادات الحيوية، مع التأكد من عدم استخدامها إلا عند الحاجة الفعلية.
كما ينبغي للمريض اتباع تعليمات الطبيب بدقة وعدم التوقف عن العلاج قبل الوقت المحدد حتى لو شعر بالتحسن.

نصائح للتقليل من المخاطر
- استشارة الطبيب قبل تناول أي مضاد حيوي
- اتباع الوصفة الطبية بدقة وعدم التوقف عن العلاج بشكل مبكر
- تجنب طلب المضادات الحيوية لعلاج الأمراض الفيروسية مثل الزكام والإنفلونزا
- البحث عن بدائل علاجية مناسبة في حال عدم الحاجة لاستخدام المضاد الحيوي

إن توافر الوعي حول هذه القضية، بالإضافة إلى التعاون بين الأفراد والمهنيين الصحيين، هو السبيل الأفضل للحد من مشكلة مقاومة المضادات الحيوية وضمان الحفاظ على فعاليتها في المستقبل.

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163