هل من الآمن استخدام دواء منتهي الصلاحية ؟

WhatsApp Image 2024 10 24 at 9.54.24 AM

 

 إعداد الطالبة: إليسار الطعاني / كلية الصيدلة

إشراف الدكتور محمد عبيد عياصرة / كلية الصيدلة

 

مع مرور السنوات وما رافقها من الانتشار الواسع للمنتجات الطبية والأدوية، أصبح من الشائع أن يحتوي كل منزل على صيدلية مصغرة تضم أغلب أنواع الأدوية الأساسية،  يمكن أن تكون هذه الأدوية بأشكال صيدلانية متنوعة وأن تستخدم لعلاج مختلف الحالات المرضية المزمنة والأمراض الموسمية مثل الحساسية والإنفلونزا.

 ومع ذلك، فإن السؤال الأهم الذي يُطرح "ماذا أفعل إذا وجدت علبة دواء مخزنة لفترة طويلة وتجاوزت تاريخ انتهاء الصلاحية؟ هل من غير الآمن استخدامها، أم يمكنني الاستمرار في استخدامها بعد تاريخ انتهاء الصلاحية؟ وهل مفهوم انتهاء الصلاحية مجرد خرافة ؟ ".

ماذا يعني تاريخ انتهاء صلاحية الدواء؟

في عام 1979، بدأت إدارة الغذاء والدواءبب (FDA)  بمطالبة شركات الأدوية بتحديد تاريخ انتهاء الصلاحية للأدوية الموصوفة طبيًا والأدوية المتاحة دون وصفة طبية، ويمكن العثور على تاريخ انتهاء الصلاحية مطبوعًا على ملصق أو مختومًا على العبوة أو الغلاف الخارجي للدواء بعدة أشكال مثل: "EXP: شهر / سنة أو يوم / شهر / سنة".

على سبيل المثال: EXP.3/11/2026  تعني أنه لا يمكن استخدام الدواء بعد 3 نوفمبر 2026، بينما EXP.09/2026 تعني أنه لا يمكن استخدام الدواء بعد نهاية  سبتمبر 2026.

إذن، تاريخ انتهاء الصلاحية هو التاريخ الذي تضمن خلاله شركة الأدوية الفعالية الكاملة والسلامة للدواء إذا تم تخزينه وفقًا للتعليمات الموضحة على النشرة المرفقة، وبعد هذا التاريخ، قد ينخفض تركيز المادة الفعالة ويصبح أقل من التركيز العلاجي، إضافة إلى ذلك، فإن بعض الأدوية قد تتحلل إلى مواد سامة وضارة للمرضى.

تتراوح تواريخ انتهاء صلاحية معظم الأدوية من عامين إلى خمسة أعوام، ولكن بعض المنتجات الصيدلانية لها تاريخان لانتهاء الصلاحية، أحدهما قبل فتح عبوة الدواء والآخر بعد الفتح.

 على سبيل المثال، يمكن استخدام معظم المنتجات التي على شكل قطرات للعين لمدة شهر واحد فقط بعد الفتح، ويمكن استخدام شراب أو معلق المضادات الحيوية لمدة أسبوع واحد عند تخزينه في درجة حرارة الغرفة ولمدة أسبوعين عند تخزينه في الثلاجة .

 

كيف يتم تحديد تاريخ انتهاء الصلاحية؟

تحدد شركة الأدوية تاريخ انتهاء الصلاحية من خلال دراسة ثبات وكفاءة المنتجات الصيدلانية خلال فترات زمنية محددة في ظل ظروف تخزين معينة، وذلك بتطبيق ما يسمى "اختبارات ثباتية الدواء " (Stability testing ) .

اختبارات ثباتية الدواء هي سلسلة من الاختبارات التي توفر معلومات مهمة حول ثبات الدواء الفيزيائي والكيميائي والعلاجي والميكروبي خلال فترة الدراسة وعن ظروف تخزينه المناسبة، كما يمكنها التنبؤ بمدة صلاحية الدواء(Shelf-life).

بمجرد أن تنتهي شركة الأدوية من هذا الاختبار، يمكنها تقديم جميع البيانات المطلوبة إلى إدارة الغذاء والدواء (FDA) والجهات المعنية الأخرى للموافقة على تداول المنتج الصيدلاني في السوق الدوائي .

ما هو الفرق بين تاريخ انتهاء الصلاحية ومدة الصلاحية؟

مدة الصلاحية(Shelf-life) هي مصطلح آخر يستخدم للتعبير عن ثباتية المادة الدوائية في المنتجات الصيدلانية، ويتم تعريفها على أنها الوقت الذي تنخفض فيه الفعالية الأصلية (أي 100٪) للدواء النشط إلى 95٪ أو  في كثير من الأحيان  إلى 90٪.

 قد يكون لبعض الأدوية خصائص استقرار عالية، مما يعني أنه قد يستغرق الأمر عشر سنوات أو أكثر لتفقد فعاليتها وتصل هذه النسبة، بينما تكون أدوية أخرى قابلة للتكسر بشدة أثناء التخزين مما يحد من مدة صلاحيتها.

عادة، تكون مدة الصلاحية مساوية لتاريخ انتهاء الصلاحية أو أطول منه ويكون للأشكال الدوائية الصلبة مثل الأقراص مدة صلاحية عالية لأن معدل تحللها أثناء التخزين يكون بطيئا في غياب العوامل المناسبة للتفاعل مثل الماء.

 يكون هذا الاستقرار أقل في المنتجات التي تحتوي في تركيبتها على الماء مثل المحاليل أو المعلقات وبالتالي تكون مدة صلاحيتها أقل.

كما ذكرنا سابقًا، تهدف دراسات الاستقرار إلى تقييم استقرار المنتجات في ظل ظروف التخزين المناسبة ومراقبة أي تغييرات محتملة قد تحدث أثناء التخزين، لذلك، فإن دراسات الثبات الدوائي تحدد تواريخ انتهاء الصلاحية والتي تتراوح عادة من سنتين إلى خمس سنوات بدلاً من تحديد العمر الافتراضي الفعلي للمنتجات.

برنامج تمديد مدة الصلاحية (Shelf-life Extension Program / SLEP)

 في عام 1986، أنشأت وزارة الدفاع الأمريكية (DOD) وإدارة الغذاء والدواء (FDA) برنامجًا مشتركًا للصحة العامة بهدف تقليل التكلفة التي يتحملها الجيش على الأدوية من خلال دراسة جدوى تمديد مدة صلاحية هذه الأدوية  المخزنة في بيئة خاضعة للرقابة من قبل وزارة الدفاع مما يؤدي إلى تقليل تكرار استبدال الأدوية منتهية الصلاحية -المخزونات الفيدرالية هي مخازن لأدوية معينة يتم اللجوء إلى استخدامها للوقاية من الأمراض أو الحالات التي قد تحدث أثناء حالة طوارئ صحية عامة أو لعلاجها-

قام المسؤولين عن برنامج تمديد مدة الصلاحية (SLEP  ) بتقييم الاستقرار وقابلية تمديد تاريخ انتهاء الصلاحية لـ 122 منتجًا صيدلانيًا مختلفًا (3005 دفعة مختلفة) في أشكال وجرعات مختلفة (أقراص سيبروفلوكساسين، محلول حقن فوروسيميد، مُستنشق ألبوتيرول، كريم سلفاديازين الفضة ..، إلخ.)

بعد عشرين عامًا من بدء البرنامج، تم تصنيف منتجات الأدوية الـ 122 ، التي تم تقييمها من خلال هذه الدراسة إلى خمس مجموعات. بالنسبة للمنتجات التي تم تصنيفها في كِلتا المجموعتين 1 و2، تم تمديد جميع الدفعات من هذه المنتجات بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها الأصلي، أما المنتجات الدوائية المخصصة للمجموعات 3 و4 و5 فكانت تضم بعض الدفعات التي تم رفض تمديد فترة صلاحيتها منذ البداية.

في النهاية أظهرت النتائج أن 88٪ من الدفعات تم تمديدها لمدة عام واحد على الأقل بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها الأصلي بمتوسط ​​تمديد 66 شهرًا.

تقدم بيانات (SLEP)مؤشرًا جيدًا على أن العديد من الأدوية تبقى مستقرة بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها إذا تم تخزينها في ظروف مناسبة خاضعة للرقابة.

تقدم ورقة بحثية بعنوان "هل تنتهي صلاحية الأدوية حقًا بعد تاريخ انتهاء الصلاحية؟ تقييم مستحضرات الأسيتامينوفين منتهية الصلاحية (30 عامًا من تاريخ التصنيع) وأقراص الكابتوبريل " والتي نُشرت مؤخرًا في مارس 2024، أدلة إضافية للبيانات المنشورة في SLEP)) وتدعم فكرة استمرار فعالية الأدوية بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها.

 بعد تحليل نِسب المواد الفعالة في معلق الأسيتامينوفين منتهي الصلاحية وأقراص الكابتوبريل التي تجاوزت تاريخ انتهاء صلاحيتها بحوالي 30 عامًا، أشارت البيانات إلى أن المكونات النشطة في معلق الأسيتامينوفين منتهي الصلاحية وأقراص الكابتوبريل كانت 97.21٪ و 96.12٪ على التوالي والتي تقع ضمن الحدود المقبولة للمنتجات الصيدلانية.

في مقال بحثي آخر نُشر في نوفمبر 2012 بعنوان "استقرار المكونات النشطة في الأدوية الموصوفة منذ فترة طويلة" يحلل 15 مكونًا نشطًا مختلفًا في 8 أدوية مختلفة -قد يحتوي الدواء الواحد على أكثر من مكون نشط - تم تخزينها في عبواتها الأصلية غير المفتوحة لفترة طويلة بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها، وأظهرت النتائج أن اثني عشر مركبًا دوائيًا من أصل 14 مركبًا كانت موجودة بتركيزات لا تقل عن 90٪ من الكميات الموضحة على الملصق والتي تعتبر عمومًا الحد الأدنى المقبول للفعالية.

هل تترتب تكلفة مالية على التخلص من الدواء منتهي الصلاحية؟

تكلف عملية التخلص من الأدوية منتهية الصلاحية عالميًا مليارات الدولارات سنويًا، وهو أمر مكلف لكل من المرضى وقطاع الرعاية الصحية وخاصة في البلدان النامية ذات الموارد المحدودة.

تؤكد معظم الأبحاث في سياق ثباتية الأدوية على أهمية دراسة تمديد تاريخ انتهاء صلاحية الأدوية منتهية الصلاحية، والفوائد المالية التي يمكن أن يوفرها ذلك وخير مثال على ذلك الفائدة المالية التي حققها برنامج تمديد مدة الصلاحية (SLEP)، حيث تقدر بعض التقارير أن تكلفة اختبار المنتجات في البرنامج بحوالي 350.000 دولار سنويًا بينما تبلغ قيمة المواد التي يتم اختبارها سنويًا بواسطة البرنامج أكثر من 33 مليون دولار في السنوات الأخيرة. وهذا يعني أنه مقابل كل دولار يتم إنفاقه على اختبار SLEP، يتم توفير ما يقرب من 94 دولارًا.  

 إذا، ما الذي قد يمنع المريض من استخدام الأدوية منتهية الصلاحية؟

على الرغم من النتائج المشجعة المذكورة في الدراسات السابقة، فإنه يجب توضيح عدة نقاط مهمة تتعلق بفعالية الأدوية منتهية الصلاحية.

يجب التنويه انه لم تكن جميع الدفعات التي تم اختبارها في برنامج تمديد فترة الصلاحية قابلة لتمديد تاريخ انتهاء الصلاحية. على سبيل المثال، فشلت دفعتان من دواء استنشاق ألبوتيرول في التمديد الأولي، وفي المقالة البحثية التي تضمنت دراسة خمس عشرة  مكونًا نشطًا مختلفًا في 8 أدوية مختلفة وجد أن اثنين من المكونات النشطة (الأسبرين والأمفيتامين) نسبته أقل من 90٪ من المحتوى الاصلي.

عندما يتعلق الأمر باستقرار الدواء، فإن طبيعة الدواء تلعب ورًا حاسمًا فمن المتوقع أن تكون أشكال الجرعات الصلبة مثل الأقراص أو الكبسولات أكثر استقرارًا حتى بعد تاريخ انتهاء الصلاحية.

ومع ذلك، فإن أشكال الجرعات السائلة أو تلك التي تحتوي على الماء في مكوناتها مثل المحلول أو المعلق أو تركيبة القطرات من المرجح أن تكون أقل استقرارًا بعد تاريخ انتهاء الصلاحية أو حتى ضارّة خاصة بسبب احتمال نمو الميكروبات.

 أيضاً يعد التخزين السليم للأدوية في الظروف الموصى بها هو أحد أهم العوامل في الحفاظ على ثبات الدواء، حيث أن جميع الأدوية التي خضعت للدراسة في برنامج SLEP تم تخزينها في ظروف مثالية في عبواتها الأصلية.

التخزين السليم هو أحد الأسباب المهمة التي قد تمنع السماح للمرضى باستخدام الأدوية منتهية الصلاحية لأنه لا يوجد ضمان بأن المريض قد خزّن المنتج بشكل صحيح بعد انتهاء الصلاحية أو حتى قبل ذلك، خاصة إذا تم إخراج الدواء من عبوته الأصلية وتعريضه لظروف مختلفة مثل درجات الحرارة المتقلبة أو الرطوبة أو الضوء، مما قد يؤدي إلى تسريع عملية تحلل او تكسر الدواء.

 لذا، لا يمكن لشركة الأدوية ضمان سلامة وفعالية الدواء بعد انتهاء صلاحيته لأن اختبارات الثبات الدوائي لم تدرس تأثير مختلف هذه العوامل إلى ما يزيد عن 5 سنوات .

 الإجابة النهائية

 من المؤكد أن تاريخ انتهاء الصلاحية ليس خرافة، على الرغم من أنه في كثير من الحالات، تكون مدة صلاحية الأدوية الحقيقية أطول بكثير من تاريخ انتهاء الصلاحية ولكن من الجدير بالذكر أن جميع حالات دراسة الأدوية منتهية الصلاحية تمت تحت إشراف متخصصين في الدواء وباتباع "بروتوكولات" تضمن سلامة المستهلك.

 أما في حالة السيناريو الموضح في بداية المقال، لا يمكن الإجابة بنعم أو لا، ويعد الحل الأكثر أمانًا هو التخلص من الدواء منتهي الصلاحية بالطريقة الصحيحة واستبداله بآخر جديد.

بات من الواضح الآن أنه في عالم الأدوية، عندما يتعلق الأمر بفعاليتها وسلامتها، فإن لكل دواء حالته الخاصة، فبعض الأدوية قد تحافظ على فاعليتها لفترة طويلة بعد انتهاء صلاحيتها إذا تم تخزينها في حالة سليمة، وبعضها الآخر لديه خصائص استقرار منخفضة ومن المحتمل جدًا أن تفقد فعاليتها بعد تاريخ انتهاء الصلاحية، مما يعرض صحة المريض للخطر خاصة في حالة الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض المهددة لحياة المريض .

 بماذا نوصي؟

تستمر المؤسسات الرسمية المعنية بالدواء بتحذير الأشخاص الذين يتناولون أي دواء منتهي الصلاحية، وتؤكد على خطورة مثل هذا الاستخدام، وتوصي بالتخلص من الأدوية منتهية الصلاحية بالطريقة الصحيحة والاتصال بمختص الرعاية الصحية في حالة تناولها عن طريق الخطأ.

 ومن الجدير بالذكر أنه وفقاً لقانون الدواء والصيدلة الأردني،  فإن كل صيدلي يبيع أدوية منتهية الصلاحية يعاقب  بغرامة مالية تصل لآلاف الدنانير.

وعليه ننصح المريض باتباع التعليمات المرفقة مع الدواء للتخزين السليم والاستخدام الآمن، كما ونوصي بعدم تناول أي دواء تجاوز تاريخ صلاحيته أو يظهر عليه أي علامة من علامات "الفساد" كتغير اللون أو الرائحة أو الملمس لشكل مختلف عن شكل الجرعة الأصلي حتى قبل تاريخ انتهاء الصلاحية.

ومن المستحسن دائمًا استشارة الطبيب أو الصيدلاني للحصول على معلومات موثوقة حول الأدوية.

YU

إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع من خلال تقديم تعليم متميّز في بيئة جامعية مُحفزة.

اتصل بنا

  •  اربد- الاردن, ص.ب 566 الرمز البريدي 21163
  •  yarmouk@yu.edu.jo
  •  7211111 2 962 +
جميع الحقوق محفوظة © 2025 جامعة اليرموك.
+96227211111Irbid - Jordan, P.O Box 566 ZipCode 21163