إعداد الطالب: محمد الرفاعي/ كلية الصيدلة
إشراف الدكتورة هدية مشاقبة/ كلية الصيدلة
يعتبر الحزن من الردود الطبيعية التي يمكن للإنسان أن يشعر بها في مواجهة الضغوطات الحياتية والتحديات اليومية، ولكن عندما يتجاوز حدوده الطبيعية يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على صحتك النفسية والجسدية، حيث يعد فهم طبيعة ومدى تأثير الحزن أمرًا مهمًا للغاية للحصول على الرعاية الصحية اللازمة والعلاج المناسب.
يهدف هذا المقال إلى مناقشة بعض الأعراض والمشاكل الصحية التي ترتبط بالحزن وتوجيه الانتباه إلى بعض الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها للتعامل مع الحزن ومعالجته.مشاكل هضمية وتغيرات في الوزن
تعد المشاكل الهضمية والتغيرات في الوزن من الأعراض الشائعة للحزن، وغالبا ما قد تكون مرتبطة بتغيير العادات الغذائية المعتادة، ففي فترات الحزن، قد تواجه بعض الأشخاص مشاكل مؤقتة في الهضم مثل الإمساك أو الإسهال، وآلام في المعدة، وحموضة المعدة، والغثيان.
ومن الشائع أيضًا حدوث تغيرات في الوزن، فقد تحدث زيادة في الوزن نتيجة لعدة عوامل مثل قلة ممارسة الرياضة، وعدم الاهتمام بالنفس، وزيادة تناول الطعام، والإقبال على الطعام غير الصحي.
ومن جهة أخرى قد يعاني بعض الأشخاص من فقدان الشهية وعدم انتظام في تناول الطعام خلال فترات الحزن، مما قد يؤدي الى نزول الوزن.
مشاكل واضطرابات في النوم
تعتبر مشاكل النوم أيضًا من الأعراض الجسدية الشائعة للحزن، فقد يعاني البعض من الأرق، والذي بحسب شدته قد يؤثر على المظهر الجسدي، فيتسبب بظهور انتفاخات في الوجه والعينين، وقد يمتد تأثيره الى عدم مقدرة الجسم على أداء وظائفه الجسدية والعقلية ومشاكل في ضغط الدم.
على الجانب الآخر، قد يجد الشخص الحزين في النوم ملاذًا يساعده في الهروب مؤقتًا من ألم الحزن مما قد يؤدي الى النوم لفترات طويلة جدًا أو خلال النهار مما يتسبب بنقص في الطاقة والشعور بالخمول.
صعوبة القيام بالأنشطة اليومية
فقد يكون من الصعب على الشخص الحزين التحكم في المهام العادية، بسبب الشعور بالتعب أو القلق فالشعور بالقلق قد ينعكس جسديا إلى بعض السلوكيات مثل حركة الأصابع، أو عدم القدرة على الجلوس والاسترخاء في مكان واحد لفترة طويلة، أو الشعور بالتنميل أو الخدر في الأطراف، وقد يؤدى في بعض الحالات إلى حساسية الضوضاء، أو الرجفان، أو ضيق التنفس، وزيادة أعراض الحساسية.
الآلام الجسدية
يمكن أن يسبب الحزن آلامًا جسدية أيضا مثل الصداع، وآلام في الصدر، والشعور بالثقل في الأطراف، وآلام في الرقبة أو الظهر أو المفاصل.
الإصابة بالعدوى
أظهرت الدراسات أن الحزن قد يضعف جهاز المناعة في الجسم، مما يضعفه ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ويزيد من فرص التهابات الجسم، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية التي تعاني منها بالفعل وتسبب مشاكل صحية جديدة.
تفاقم الحالات المرضية المزمنة
قد تتفاقم الأمراض الموجودة لدى الفرد نتيجة للحزن المستمر، حيث يرتبط بعض الأمراض الجسدية مثل أمراض القلب التاجية وارتفاع ضغط الدم والسكري وبعض الالتهابات والقرح الهضمية بالعوامل النفسية والعاطفية. لذا، يُعتَبَر فهم مدى تأثير الحزن على الصحة النفسية والجسدية من أهم الخطوات لتقديم العناية الصحية اللازمة والوقاية من تدهور تفاقم الأمراض الموجودة.
أمراض القلب
يمكن أن يؤثر الحزن المفرط على صحة قلبك، فعلى الرغم من أن الصلة بين الحزن والمشاكل القلبية ليست دائمًا واضحة، إلا أن هناك ترابطًا ملحوظًا بين الحالات النفسية السلبية ومشاكل القلب، حيث تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من خطر الإصابة بالأمراض القلبية قد يواجهون زيادة في خطر الإصابة بنوبة قلبية في فترات الحزن المفرط.
ويمكن أن يصل الأمر في بعض الحالات إلى الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، والتي تحدث نتيجة إطلاق الجسم كميات كبيرة من الأدرينالين والتي تؤدي هذه الكميات الكبيرة منه إلى صغر حجم الشرايين التي تنقل الدم إلى القلب مما يقلل تدفق الدم إلى القلب، ويمكن أن يرتبط الأدرينالين أيضا بخلايا القلب، وعندها يكون من الصعب أن ينبض القلب بشكل صحيح، وبالتالي يمكن أن تؤدي هذه المتلازمة إلى قصور شديد في عضلة القلب على المدى القصير، ومن أعراضها الأكثر شيوعاً ألم في الصدر وضيق في النفس، ويمكن أن تؤدي متلازمة القلب المكسور إلى حدوث مضاعفات مثل: جلطات الدم في القلب والسكتة القلبية وعدم انتظام ضربات القلب واضطرابها.
يمكن للمساعدة المبكرة في التعامل مع الحزن الشديد أن تكون فعالة في بناء استراتيجيات التكيف والتعامل مع الأوضاع الصعبة، ويمكن للطبيب المعالج أو الأخصائي النفسي أن يساعد في وضع خطط متكاملة للعلاج تساعدك على تجاوز مرحلة الحزن والمضي قدمًا بحياتك بشكل صحي وهادئ، فلا تتردد في طلب المساعدة عند الحاجة، فالعثور على الدعم والتقدير من الآخرين يمكن أن يكون أحد الخطوات الرئيسية نحو التعافي الشامل.
هناك عدة طرق للتعامل مع الحزن ومعالجته، ومنها:
1. تغيير نمط الحياة:
يبدأ العلاج من الحزن بتغيير نمط الحياة، يشمل ذلك تنظيم الوقت وتحديد الأهداف، وممارسة التمارين الرياضية واكتشاف هوايات جديدة، بالإضافةً إلى ذلك، الحرص على النوم بشكل كافٍ وتناول الطعام الصحي، بما في ذلك الأطعمة التي تعزز السعادة كالشوكولاتة، والعسل، والأفوكادو، والتوت، والفراولة، والمكسرات مثل: الجوز واللوز والكاجو، وأيضاً الأسماك والمأكولات البحرية.
2. الاستشارات النفسية:
توفر الاستشارات النفسية مساعدة للأشخاص في تجاوز الحزن والانتقال إلى حياة أكثر استقرارًا، تركز هذه الجلسات على قبول الخسارة والتأقلم مع الأحداث الصعبة وتعلم كيفية التعامل مع المشاعر بطريقة صحية.
3. العلاج السلوكي المعرفي:
يهدف هذا العلاج إلى تغيير الأفكار والسلوكيات التي تساهم في الحزن، كما ويعمل المعالج مع المريض على تحليل التفكير السلبي وتغييره إلى أفكار إيجابية تساعد في التعامل مع التحديات بشكل أكثر فعالية، ويساعد أيضًا في تغيير طريقة تعامل المريض مع المشاكل الكبيرة وتجزئتها إلى أجزاء صغيرة ليتمكن من التعامل معها.
4. العلاج الدوائي:
في بعض الحالات، يمكن أن يكون الحزن مصحوبًا بالاكتئاب، وفي هذه الحالات قد يقترح الطبيب استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، تساعد هذه الأدوية في تصحيح التوازن الكيميائي للناقلات العصبية الموجودة في الدماغ وتحسين المزاج والعاطفة وتخفيف الألم طويل المدى باستخدام هذه الطرق المتعددة، يمكن للأشخاص تجاوز الحزن والعودة إلى حياة أكثر سعادة واستقرارًا.
في نهاية المطاف، لا يجب التغاضي عن تأثيرات الحزن على الصحة الجسدية، فقد يكون الحزن المستمر والشديد عاملًا مساهمًا في تفاقم الحالات المرضية المزمنة ومسببا في تدهور صحتك، ومن خلال فهمك لتأثيرات الحزن على صحة الجسم عليك أن تتخذ خطوات نحو الشفاء من خلال تطبيق الطرق المناسبة للتعامل معه والتغلب عليه.